أحكام الزواج | شروط النكاح في الإسلام
شروط النكاح
من حسن التنظيم الإسلامي ودقته في شرع الأحكام أن جعل للعقود شروطاً، تنضبط بها، وتتحدد فيها صلاحيتها للنفوذ والاستمرار، فكل عقد من العقود له شروط لا يتم إلا بها، وهذا دليل واضح على أحكام الشرعية وإتقانها، وأنها جاءت من لدن حكيم خبير يعلمُ ما يصلح الخلق، ويشرع لهم ما يصلح به دينهم ودنياهم؛ حتى لا تكون الأمور فوضى لا حدود لها. ومن بين تلك العقود - عقد النكاح - فعقد النكاح له شروط نذكر منها ما يأتي وهو أهمها:
1 - رضا الزوجين: فلا يصح إجبار الرجل على نكاح من لا يريد، ولا إجبار المرأة على نكاح من لا تريد. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النَسَاءَ كَرْهاً [النساء:19]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: { لا تُنكح الأيمُ حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكر حتى تُستأذن }، قالوا يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: { أن تسكت }.
فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تزويج المرأة بدون رضاها، سواء أكانت بكراً أم ثيباً، إلا أن الثيب لا بد من نطقها بالرضا، وأما البكر فيكفي في ذلك سكوتها؛ لأنها ربما تستحي عن التصريح بالرضا.
وإذا امتنعت عن الزواج فلا يجوز أن يجبرها عليه أحد ولو كان أباها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: { والبكر يستأذنها أبوها } [رواه مسلم].
ولا إثم على الأب إذا لم يزوجها في هذه الحال؛ لأنها هي التي امتنعت، ولكن عليه أن يحافظ عليها ويصونها.
وإذا خطبها شخصان، وقالت: أريد هذا، وقال وليّها: تزوّجي الآخر، زُوّجت بمن تريد هي إذا كان كفؤاً لها، أما إذا كان غير كفء فلوليها أن يمنعها من زواجها به، ولا إثم عليه في هذه الحال.
2 - الولي: فلا يصحّ النكاح بدون ولي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: { لا نكاح إلا بولي }، فلو زوجت المرأة نفسها، فنكاحها باطل سواء باشرت العقد بنفسها أم وكلت فيه.
الولي: هو البالغ العاقل الرشيد من عصباتها، مثل الأب، والجد من قبل الأب، والإبن، وابن الإبن، وإن نزل، والأخ الشقيق، والأخ من الأب، والعمّ الشقيق، والعم من الأب، وأبنائهم الأقرب فالأقرب. ولا ولاية للإخوة من الأم، ولا لأبنائهم، ولا لأبي الأم والأخوال؛ لأنهم غير عصبة.
وإذا كان لا بد من النكاح من الولي، فإنه يجبُ على الولي اختيار الأكفاء الأمثل فالأمثل إذا تعدد الخطاب، فإن خطبها واحدٌ فقط، وهو كفءٌ ورضيت، فإنه عليه أن يزوّجها به.
وهنا نقفُ قليلاً لنعرف مدى المسؤولية الكبيرة التي يتحمّلها الولي بالنسبة إلى من ولاه الله عليها، فهي أمانةٌ عنده يجب عليه رعايتها ووضعها في محلها، ولا يحل له احتكارها لأغراضه الشخصية، أو تزويجها بغير كفئها من أجل طمع فيما يدفع إليه، فإنّ هذا هو الخيانة، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27]. وقال تعالى: إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ [الحج:38]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: { كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته }.
وترى بعض الناس تُخطبُ منه ابنته يخطبها كفء، ثم يردُّه ويردُّ آخر وآخر. ومن كان كذلك فإن ولايته تسقط، ويزوّجها غيره من الأولياء الأقرب فالأقرب.
المصدر: منتديات مجالس الوفاء