ماحكم من نسي القضاء وأدركه رمضان
اتفق الفقهاء على أن النسيان عذر يرفع الإثم والمؤاخذة في جميع المخالفات ، لأدلة كثيرة جاءت في الكتاب والسنة ، إلا أنهم يختلفون في رفعه ما يترتب على المخالفة من فدية ونحوها.
وفي خصوص مسألة نسيان قضاء رمضان حتى يدخل رمضان التالي ، اتفق العلماء أيضا على أن القضاء لازم بعد رمضان التالي ، ولا يسقط بالنسيان .
ولكنهم يختلفون في وجوب الفدية ( وهي إطعام مسكين) مع القضاء ، على قولين :
القول الأول : لا تلزمه الفدية ، فالنسيان عذر يرفع عنه الإثم والفدية .
وذهب إلى هذا أكثر الشافعية وبعض المالكية .
انظر : "تحفة المحتاج" لابن حجر الهيتمي (3/445) ، "نهاية المحتاج" (3/196) ، "منح الجليل" (2/154) ، "شرح مختصر خليل" (2/263) .
القول الثاني : تلزمه الفدية ، والنسيان عذر يرفع الإثم فقط .
ذهب إليه الخطيب الشربيني من الشافعية ، فقال في "مغني المحتاج" (2/176) :
قال : "والظاهر أنه إنما يسقط عنه بذلك الإثم لا الفدية" .
ونص عليه بعض المالكية أيضاً .
وانظر : "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (2/450) .
والراجح هو القول الأول إن شاء الله تعالى ، وذلك لأدلة ثلاثة :
الأول : عموم الآيات والأحاديث التي ترفع المؤاخذة عن الناسي : كقوله تعالى : ( رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة/286 .
الثاني : الأصل براءة الذمة ، ولا يجوز إشغالها بالكفارة أو الفدية إلا بدليل ، ولا دليل يقوى في هذه المسألة .
الثاني : أن هذه الفدية مختلف في وجوبها أصلا حتى على المتأخر عن القضاء عامدا ، حيث ذهب الحنفية والظاهرية إلى عدم وجوبها ، واختار الشيخ ابن عثيمين أنها مستحبة فقط ، إذ لم يرد في مشروعيتها إلا عمل بعض الصحابة ، وهذا لا يقوى على إلزام الناس بها ، فضلا عن إلزامهم بها حال العذر الذي عذر الله به .
وخلاصة الجواب : عليه القضاء فقط ، ولا طعام عليه فيقضي بعد رمضان الحالي .
والله أعلم .
المصدر : منتديات مجالس الوفاء