هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ابرئ نفسي انا صاحب الموقع ، امام الله وامام جميع الزوار والأعضاء ، على مايحصل من تعارف بين الأعضاء او زوار على مايخالف ديننا الحنيف ، والله ولي التوفيق
الجنس : عدد المشاركات : 93تاريخ التسجيل : 29/10/2011الاقامه : مصرالساعه الأن :
موضوع: ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا ) / بقلم راويه الأحد يوليو 29, 2012 4:56 am
ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا )
عبادة الصوم
الحمد لله على نعمه الباطنة والظاهرة، شرع لعباده ما يصلحهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه نجوم الهدى الزاهرة، ومن اتبع هديه وتمسك بسنته الطاهرة. أما بعد: أولاً: روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك"[1] . ثانياً: وفي الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال أين الصائمون؟ فيقومون فيدخلون فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد"[2] . ثالثاً: وأخرج ابن ماجة والحاكم عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد"[3] ، وقد قال الله تعالى في أثناء آيات الصيام: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[4]. ليرغب الصائم بكثرة الدعاء. رابعاً: وروى أبو داود الطيالسي والبيهقي عن ابن عمر مرفوعا: "صمت الصائم تسبيح ونومه عبادة، ودعاؤه مستجاب، وعمله مضاعف"[5] . خامساً: وأخرج أحمد في مسنده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصيام نصف الصبر"[6] . وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أن الصابرين يوفون أجورهم بغير حساب. سادساً: واخرج البخاري ومسلم في صحيحهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان إيماناً و احتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه"[7] . سابعاً: واخرج البخاري ومسلم في صحيحهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصوم جنة ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يفسق، ولا يجهل ، فإن سابه أحد، فليقل إني امرؤ صائم"[8] . وأخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الامين ، وعلى اله وصحبه أجمعين .
أقوال العلماء في فضل عبادة الصيام
أولاً: فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله-: إخْوانِي: اعلمُوا أنَّ الصومَ من أفضَلِ العباداتِ، وأجلِّ الطاعاتِ جاءَتْ بفضلِهِ الآثار، ونُقِلَتْ فيه بينَ الناسِ الأَخبار. فَمِنْ فضائِلِ الصومِ أنَّ اللهَ كتبَه على جميعِ الأُمم، وَفَرَضَهُ عَلَيْهم: قال الله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، [البقرة: 183]. ولَوْلاَ أنَّه عبادةٌ عظيمةٌ لاَ غِنَى لِلْخلقِ عن التَّعَبُّد بها للهِ، وعما يَتَرَتَّب عليها مِنْ ثوابٍ ما فَرَضَهُ الله عَلَى جميعِ الأُمَمِ. ومِنْ فضائل الصومِ في رَمضانَ: أنَّه سببٌ لمغفرة الذنوبِ وتكفيرِ السيئاتِ، ففي الصحيحينِ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قَالَ: "مَنْ صَامَ رمضان إيماناً واحْتساباً غُفِرَ لَهُ ما تقدَّم مِن ذنبه" يعني: إيماناً باللهِ ورضاً بفرضيَّةِ الصَّومِ عليهِ، واحتساباً لثَوابه وأجرهِ، لم يكنْ كارِهاً لفرضهِ ولا شاكّاً فيَ ثوابه وأجرهِ، فإن الله يغْفِرُ له ما تقدَم من ذنْبِه. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "الصَّلواتُ الخَمْسُ والجمعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ مُكفِّراتٌ مَا بينهُنَّ إذا اجْتُنِبت الْكَبَائر". ومِنْ فضائِل الصوم أنَّ ثوابَه لا يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ مُعيَّنٍ بل يُعطَى الصائمُ أجرَه بغير حسابٍ. ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "قال الله تعالى: كُلُّ عَمَل ابن آدم لَهُ إلاَّ الصومَ فإِنَّه لي وأنا أجزي بهِ. والصِّيامُ جُنَّةٌ فإِذا كان يومُ صومِ أحدِكم فَلاَ يرفُثْ ولا يصْخَبْ فإِنْ سابَّهُ أَحدٌ أو قَاتله فَليقُلْ إِني صائِمٌ، والَّذِي نَفْسُ محمدٍ بِيَدهِ لخَلُوفُ فمِ الصَّائم أطيبُ عند الله مِن ريح المسك، لِلصائمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهما؛ إِذَا أفْطَرَ فرحَ بِفطْرهِ، وإِذَا لَقِي ربَّه فرح بصومِهِ". وَفِي رِوَايِةٍ لمسلم: "كُلُّ عملِ ابنِ آدمَ لَهُ يُضَاعفُ الحَسَنَة بعَشرِ أمثالِها إلى سَبْعِمائِة ضِعْفٍ، قَالَ الله تعالى إِلاَّ الصَومَ فإِنه لِي وأَنَا أجْزي به يَدَعُ شهْوَتَه وطعامه من أجْلِي". وَهَذَا الحديثُ الجليلُ يدُلُّ على فضيلةِ الصومِ من وجوهٍ عديدةٍ: الوجه الأول: أن الله اختصَّ لنفسه الصوم من بين سائرِ الأعمال، وذلك لِشرفِهِ عنده، ومحبَّتهِ له، وظهور الإِخلاصِ له سبحانه فيه، لأنه سِرُّ بَيْن العبدِ وربِّه لا يطَّلعُ عليه إلاّ الله. فإِن الصائمَ يكون في الموضِعِ الخالي من الناس مُتمكِّناً منْ تناوُلِ ما حرَّم الله عليه بالصيام، فلا يتناولُهُ؛ لأنه يعلم أن له ربّاً يطَّلع عليه في خلوتِه، وقد حرَّم عَلَيْه ذلك، فيترُكُه لله خوفاً من عقابه، ورغبةً في ثوابه، فمن أجل ذلك شكر اللهُ له هذا الإِخلاصَ، واختصَّ صيامَه لنفْسِه من بين سَائِرِ أعمالِهِ ولهذا قال: "يَدعُ شهوتَه وطعامَه من أجْلي". وتظهرُ فائدةُ هذا الاختصاص يوم القيامَةِ كما قال سَفيانُ بنُ عُييَنة رحمه الله: إِذَا كانَ يومُ القِيَامَةِ يُحاسِبُ الله عبدَهُ، ويؤدي ما عَلَيْه مِن المظالمِ مِن سائِر عمله، حَتَّى إِذَا لم يبقَ إلاَّ الصومُ يتحملُ اللهُ عنه ما بقي من المظالِم، ويُدخله الجنَّةَ بالصوم. الوجه الثاني: أن الله قال في الصوم: "وأَنَا أجْزي به". فأضافَ الجزاءَ إلى نفسه الكريمةِ؛ لأنَّ الأعمالَ الصالحةَ يضاعفُ أجرها بالْعَدد، الحسنةُ بعَشْرِ أمثالها إلى سَبْعِمائة ضعفٍ إلى أضعاف كثيرةٍ، أمَّا الصَّوم فإِنَّ اللهَ أضافَ الجزاءَ عليه إلى نفسه من غير اعتبَار عَددٍ وهُوَ سبحانه أكرَمُ الأكرمين وأجوَدُ الأجودين، والعطيَّةُ بقدر مُعْطيها. فيكُونُ أجرُ الصائمِ عظيماً كثيراً بِلاَ حساب. والصيامُ صبْرٌ على طاعةِ الله، وصبرٌ عن مَحارِم الله، وصَبْرٌ على أقْدَارِ الله المؤلمة مِنَ الجُوعِ والعَطَشِ وضعفِ البَدَنِ والنَّفْسِ، فَقَدِ اجْتمعتْ فيه أنْواعُ الصبر الثلاثةُ، وَتحقَّقَ أن يكون الصائمُ من الصابِرِين. وقَدْ قَالَ الله تَعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّـابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر: 10]. الوجه الثالث: أن الصَّومَ جُنَّةٌ: أي وقايةٌ وستْرٌ يَقي الصَّائِمَ من اللَّغوِ والرَّفثِ، ولذلك قال: "فإِذا كان يومُ صومِ أحدِكم فلا يرفُثْ وَلاَ يَصْخبْ"، ويقيه من النَّار. ولذلك روى الإِمام أحمدُ بإسْناد حَسَنٍ عن جابر رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: "الصيام جُنَّةٌ يَسْتجِنُّ بها العبدُ من النار". الوجه الرابع: أنَّ خَلوفَ فمِ الصائمِ أطيبُ عند الله مِنْ ريحِ المسْكِ لأنَّها من آثارِ الصيام، فكانت طيِّبةً عندَ الله سبحانه ومحْبُوبةً له. وهذا دليلٌ على عَظِيمِ شأنِ الصيامِ عند الله حَتَّى إنَّ الشيء المكروهَ المُسْتخْبَثَ عند الناس يَكونُ محبوباً عندَ الله وطيباً لكونِهِ نَشَأ عن طاعَتِهِ بالصيام. الوجه الخامس: أن للصائِمِ فرْحَتينْ: فَرحَةً عند فِطْرِهِ، وفَرحةً عنْد لِقاءِ ربِّه. أمَّا فَرحُهُ عند فِطْرهِ فيَفرَحُ بِمَا أنعمَ الله عليه مِنَ القيام بعبادِة الصِّيام الَّذِي هُو من أفضلِ الأعمالِ الصالِحة، وكم أناسٍ حُرِمُوْهُ فلم يَصُوموا. ويَفْرَحُ بما أباحَ الله له مِنَ الطَّعامِ والشَّرَابِ والنِّكَاحِ الَّذِي كان مُحَرَّماً عليه حال الصوم. وأمَّا فَرَحهُ عنْدَ لِقَاءِ ربِّه فَيَفْرَحُ بِصَوْمِهِ حين يَجِدُ جَزاءَه عند الله تعالى مُوفَّراً كاملاً في وقتٍ هو أحوجُ ما يكون إِلَيْهِ حينَ يُقالُ: "أينَ الصائمون ليَدْخلوا الجنَّةَ من بابِ الرَّيَّانِ الَّذِي لاَ يَدْخله أحدٌ غيرُهُمْ". وفي هذا الحديث إرشادٌ للصَّائِمِ إذا سَابَّهُ أحدٌ أو قَاتله أن لا يُقابِلهُ بالمثْلِ لِئَلا يزدادَ السِّبابُ والقِتَالُ، وأن لا يَضْعُف أمامه بالسكوت بل يخبره بأنه صائم، إشارة إلى أنه لن يقابله بالمثل احتراماً للصوم لا عجزاً عن الأخذ بالثأر وحيئنذٍ ينقطع السباب والقتال: {ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظِّ عَظِيمٍ } [فصلت: 34، 35]. ومِنْ فَضائِل الصَّومِ أنَّه يَشْفَع لصاحبه يومَ القيامة. فعَنْ عبدالله بن عَمْرو رضي الله عنهما أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلّم قال: "الصِّيامُ والْقُرآنُ يَشْفَعَان للْعبدِ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَقُولُ الصيامُ: أي ربِّ مَنَعْتُه الطعامَ والشَّهْوَة فشفِّعْنِي فيه، ويقولُ القرآنُ منعتُه النوم بالليلِ فشَفِّعْنِي فيهِ، قَالَ فَيشْفَعَانِ"، رَوَاهُ أَحْمَدُ. إخْوانِي: فضائلُ الصوم لا تدركُ حَتَّى يَقُومَ الصائم بآدابه. فاجتهدوا في إتقانِ صيامِكم وحفظِ حدوده، وتوبوا إلى ربكم من تقصيركم في ذلك. اللَّهُمَّ احفظْ صيامَنا واجعلْه شافعاً لَنَا، واغِفْر لَنَا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وصلَّى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. ( من كتاب مجالس شهر رمضان، لفضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله- )
ثانياً: سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ: إنَّ المسلم حينَما يتأمَّل الصيامَ وفوائدَه ليعلَم حقًّا أنّه من أقوى الأسبابِ المحقِّقة للتقوى في قلب المؤمِن. التقوَى حقيقتُها امتثال أوامرِ الله على بصيرة من أمرِه واجتنابُ نواهي الله على علمٍ وبصيرة، يمتثِل الأوامرَ يرجو بها ثوابَ الله، وينتهي عن النواهِي يخاف [بفِعلِها] من عقابِ الله.
الصائِمُ حينما يمتنِع عن الطعام والماءِ ومواقعةِ النساء منذ طلوع الفجرِ الثاني إلى غروبِ الشمس ما الذي دعاه لهذا الانقياد؟! ما الذي فرضَ عليه هذا؟! أَحميَةً التَزمَها أم مجرَّد عادةٍ فعلها؟! لا، إنما كان امتناعُه عن ملذّات النفس وما تدعو إليه النفسُ وما تميل إليه النفس بطَبعِها من ماءٍ وطعامٍ ونِساء إنما ترَك ذلك لأجلِ الله، إنما امتَنع عنها في نهارِ الصّيام تقرُّبًا إلى اللهِ، إنَّ الذي دعاه خوفُه من الله وخوفُه من المقام بين يدَيِ الله: ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)، [الرحمن:46]. الصّائِم قد يظهَر للناس أنه صائم وهو في داخِلِ منزله آكلٌ شاربٌ آتٍ للنّساء، وأمَامَ الناس إنّه الصائم المتعبِّد، قد يكون هذا، لكن المؤمِن حقًّا بعكس هذا، حينَما تدعوه النفسُ إلى ما تميلُ إليه من طعامٍ وشرابٍ ونساء يترُكها لما قام بقلبِه من اليقين الجازِمِ أنَّ الله مطَّلِعٌ عليه وعالِم بسرِّه وعلانِيتِه: ( قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ)، [آل عمران:29]. إذًا ففي الصّيام تقويةٌ لجانب الإخلاص، وفي الصيام تقويَة لصِدقِ التعامل مع الله، وفي الصّيام إظهارُ الخضوع والذلِّ لله جلّ وعلا. إنّ الصائم والماءُ والشراب والمُتَع بين يديه، ينظر إليها بعَينَيه، وبإمكانِهِ تَناوُلُ ما شاء منها، إذًا فيدعوه عندما يؤلمه الجوعُ والظّمأ إلى شُكر الله على النّعمة التي هي عندَه وما ترَكَها إلاّ طاعةً لله، فيتصوَّر عظيمَ نِعَم الله عليه: ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا)، [إبراهيم:34]، وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ [النحل:53]. والنّعَم إنَّما يعرف قدرَها من فقَدَها، وهذا ليس فاقدًا لها، هي متواجِدة عنده لكنّه تركها لله، فيشكُر اللهَ ويزداد شكرًا لله وثَناء عليه. إنّها تذكِّره بحال المعوِزِين والمحتاجين وبحال من تمرُّ الليالي والأيام والشهور وهم في بأساء وضرّاء وفاقةٍ وفَقر وعريّ، فيدعوه إلى رِقّة قلبِه ولين يدِه، فيمدّ يدَ الإحسان إلى الفقراءِ والمساكين والمعوِزين. إنّه يربِّي في النفس قوّةَ الإرادة وتحمّل المشاقِّ والصبر على المتاعِبِ حينما يمتدُّ طولُ النهار وهو صائم لله جلّ وعلا، يعلِّمُه الصبرَ الحقيقيّ؛ الصبرَ على طاعةِ الله وعَدَم الملَل والضجَر، يعلِّمه الانضِباطَ في المواعيد، يعلِّمه قوّةَ الإرادةِ والتغلُّب على الهوَى وملذّاتِ النّفس. إنّه صِحّةٌ للبدن، ينقِّيه من فضلات الطعامِ والشراب، ويهيِّئُه للمستقبل لحياةٍ طيبة. إنّه دواءٌ للعبد، دواء لأمراضِ القلوبِ، عندَما يصوم المؤمِن رمضانَ فرمضانُ يكفِّر ما مضَى من الذّنوبِ، فيعِدّه لرمضانَ آخر وهو لا يزال في طُهرَة رَمضانَ ونقاءِ رمضان، ((الصلوات الخمس والجُمُعة إلى الجمعةِ ورَمضان إلى رمضانَ مكفِّراتٌ ما بينهنَ إذا اجتنبت الكبائر)). يَصوم رمضانَ بإيمانٍ واحتساب تَصديقًا لإخبار الصادقِ المصدوقِ : ((من صام رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا غفَر الله له ما تقدَّم من ذنبه))، إيمانًا بوجوبِه واحتسابَ الثوابِ وطلبه من ربِّ العالمين. إّنه الصيامُ الذي يهذِّب السلوكَ، يهذِّب سلوكَ العبد، ويروِّضه على الخير، يهذِّب أقواله وأعمالَه، فهو يدعوه إلى الحِلم والأناءةِ والصفحِ والإعراضِ عنِ الجاهلين وعَدمِ مجاراةِ السفهاء في سَفَههم، يقول : ((فإذا كان [يوم] صومُ أحدِكم فلا يرفُث ولا يسخَب، وإن سابَّه أحدٌ أو شاتمه فليقُل: إنِّي امرؤٌ صائم، إني امرؤٌ صائم)). أيّها المسلِم: أبوابُ الجنّة الثمانية تفتَّح لك في هذا الشهرِ لأهل الإسلامِ لقوّةِ الطاعةِ وكَثرتها ونُدور الإجرامِ من أهل الإيمانِ، وتُغلق فيه أبوابُ النار، وينادِي منادٍ: يا باغيَ الخير أقبِل، ويا باغيَ الشرّ أقصِر، وللهِ عتقاءُ من النار في كلِّ ليلةٍ. أيّها المسلم: شهرٌ عظيم من أشهرِ الله، هو سيِّد الشهور عند الله، يقول يومًا لأصحابِه: ((أتاكم رمضانُ شهرُ بركةٍ، يغشاكم الله فيه، فينزل الرحمةَ، ويحطّ الخطيئةَ، ويستجيب الدعاءَ، ينظر الله إلى تَنافسِكم فيه، فيباهِي بكم ملائكتَه، فأروا الله من أنفسِكم خيرًا، فإنّ المحرومَ فيه من حرِم فضلَ الله)). أيّها المسلِم: احفَظ حدودَ هذا الشهرِ، والتزِمِ الأدبَ الشرعيّ فيه؛ ليكونَ الصيام بتوفيقٍ مِن الله صِيامًا كامِلاً، في الحديث: ((من صامَ رمضانَ وعرَف حدودَه وتحصَّن ممّا ينبغي أن يُتَحصَّن منه كفَّر ما قبله)) . إنَّ الله يكتب نوافلَ هذا الشهرِ قبل أن يدخِلَه، ويكتبُ وزرَه وشقاءه قبل أن يدخِلَه، كما قال ذلك محمّد حيث يقول: ((أتاكم رَمضانُ، ما مرَّ بالمسلمين شهرٌ هو خير لهم منه بِمحلوفِ رسول الله ، ولا مرَّ بالمنافقين شهرٌ هو شرّ لهم منه بمحلوفِ رسول الله ، إنَّ الله يكتُب أجرَه ونوافلَه قبل أن يدخلَه، ويكتب شقاءَه ووزرَه قبل أن يدخِلَه، وذلك أنَّ المؤمنَ يعِدّ فيه القوَّةَ للعبادَة، ويعدّ فيه الفاجر تَتُبّع غفلاتِ المسلمين وعوراتهم، فهو غنمٌ للمؤمن يغتَنِمه الفاجر)) . كان نبيُّكم يبشِّر أصحابَه بهذا الشهرِ، ويعُدّ لهم خصالَ الخير فيه تَرغيبًا لهم في الفضلِ وشحذًا لهِمَمِهم لكَي يزدادوا خيرًا، يُروَى عن سلمانَ الفارسيّ عن رسول الله مرفوعًا قال: خَطَبنا نبيُّنا في آخرِ يومٍ من شعبانَ ثمّ قال: ((قد أَظلَّكم شهرٌ عظيم مبارَك، شَهر جعَل الله صيامَه فريضةً وقيامَ ليلِه تطوّعًا، من تقرَّب فيه بخصلةٍ مِن خِصال الخير كانَ كمَن أدّى فيهِ فريضةً، ومَن أدّى فيهِ فَريضةً كان كَمَن أدّى سَبعين فرِيضةً فيما سِواه، وهو شَهرُ الصبر والصّبرُ ثوابُه الجنّة، وشَهر المواساةِ وشَهرٌ يزادُ في رزق المؤمنِ فيه، شَهرٌ أوّلُه رَحمة، وأَوسطه مغفِرَة، وآخِرُه عِتقٌ مِنَ النار، مَن فطَّر فيه صَائمًا كان مَغفِرةً لذنوبه وعِتقَ رقَبتِه منَ النار، وكان له مِن الأجرِ مثلُ أجرِ الصائم من غيرِ أن ينقُص من أجرِ الصائم شيءٌ، ومَن خفَّف فيه عن مملوكِه أعتقَه الله من النّار، من سقَى فيه صائِمًا شربةَ ماءٍ سَقاه الله مِن حوضي شربةً لا يظمَأ بعدها حتى يدخُلَ الجنّة، فاستكثِروا فيه مِن أربعِ خِصالٍ، خصلتَين تُرضون بهما ربَّكم، وخَصلتَين لا غِناءَ بكم عنهما، فأمّا اللّتان ترضونَ بهما ربَّكم فشهادةُ أن لا إلهَ إلا الله وتستغفرونَه، وأمّا الخصلَتان اللتان لا غِناءَ بكم عنهما فتَسألونَ الله الجنّةَ وتستعيذون به منَ النّار)) . هَذا شهرُ رَمضَان، شَهر الصيامِ والقيامِ، شَهر تكفَّر فيه الذنوب والخطايا، وشهرٌ تجَاب فيه الدعواتُ، وشهر ينَال فيه المسلمون عظيمَ الخيراتِ. يا أخي المسلِم: احمَد الله وأنت في عِداد الأحياء صَحيحًا مسلِمًا قادرًا على الصّيام، وتذكَّر حالَ من فقَدتَهم في مثلِ هذه الأيّام، تذكَّر من غيَّب الثرى أجسادَهم، تذكَّر أناسًا صَحِبتهم ثم فارَقوكَ، فاحمدِ الله على هذهِ النّعمة وتقرَّب إلى الله بالعَمَل الصالح. فرصةٌ للتائبين والنادمين، فرصةٌ للمخطئِين والمذنِبِين؛ أن يتوبوا إلى رَبهم في هذه الأيام والليالِي المباركةِ، فرصةٌ للمفرِّطين في أعمالهم أن يتدارَكوا نقصَهم، ويستعِينوا بالله على طاعَتِه، ويتوبوا إلى ربِّهم توبةً نصوحًا يَمحو الله بها ما مضَى من الذنوب، ويوفِّقهم فيها لعملٍ صالح يرضَاه عنهم. يا أخِي: استبشِر بهذا الشهرِ، وافرَح به، واحمدِ الله على نِعمتِه، واعلم أنّ الله أحكَمُ منك وأرحَم، ما ابتَلاكَ لأجل أن تتركَ الطّعام والشّرابَ، ولكن ابتلاك لأن يَكونَ تركُك لهذه الملذّات سببًا لقوّةِ نفسك، لقوّةِ إيمانِك وإرادتك، لثباتِك على الحقِّ واستقامتك عليه. أسأل الله الذي لا إلهَ غيره إِذ قرَّبنا مِن أيّامه أن يبلِّغَنا صيامه وقيامَه، وأن يجعلنا ممن يصومه ويقومه إيمانًا واحتسابًا، وأن يجعلَنا وإياكم فيه من الفائزِين برضوانه الناجين من عذابه المستغفِرين من الزلَل والخطَأ، إنّه على كل شيء قدير. أقول قولي هَذا، وأستَغفِر الله العَظيم الجليلَ لي ولَكم ولسائرِ المسلمين مِن كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه وتوبُوا إليه، إنّه هو الغَفور الرّحيم.
( من خطبة لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ بعنوان: " انه الصيام " )
رابعاً: معالي فضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان : أيها المسلمون: نذكركم بفضيلة هذا الشهر المبارك ونسأل الله أن يوفقنا لاغتنام أوقاته بالعمل الصالح وأن يتقبل منا، ويغفر لنا خطايانا إنه سميع مجيب. فقد روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك" [أخرجه البخاري رقم 1894، 1904 ومسلم رقم 1151]، فهذا الحديث الشريف يدل على جملة فضائل ومزايا للصيام من بين سائر الأعمال منها: أن مضاعفته تختلف عن مضاعفة الأعمال الأخرى، فمضاعفة الصيام لا تنحصر بعدد، بينما الأعمال الأخرى تضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. ومنها أن الإخلاص في الصيام أكثر منه في غيره من الأعمال لقوله: "ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي". ومنها أن الله اختص الصيام لنفسه من بين سائر الأعمال، وهو الذي يتولى جزاء الصائم لقوله: "الصوم لي وأنا أجزي به". ومنها: حصول الفرح للصائم في الدنيا والآخرة، فرح عند فطره بما أباح الله له، وفرح الآخرة بما أعد الله له من الثواب العظيم، وهذا من الفرح المحمود لأنه فرح بطاعة الله كما قال تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا}، [يونس 85]. ومنها: ما يتركه الصيام من آثار محبوبة عند الله وهي تغير رائحة فم الصائم بسبب الصيام، وهي آثار نشأت عن الطاعة فصارت محبوبة عند الله تعالى "ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك". ومن فضائل الصيام: أن الله اختص الصائمين بباب من أبواب الجنة لا يدخل منه غيرهم إكراما لهم كما في الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال أين الصائمون؟ فيقومون فيدخلون فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد" [أخرجه البخاري 1896 ومسلم 1152]. ومن فضائل الصيام: أنه يقي صاحبه مما يؤذيه من الآثام ويحميه من الشهوات الضارة، ومن عذاب النار، كما ورد في الأحاديث أن الصيام جُنَّة ـ بضم الجيم والنون المشددة المفتوحة ـ أي ستر حصين من هذه الأخطار. ومن فضائل الصيام: أن دعاء الصائم مستجاب فقد أخرج ابن ماجة والحاكم عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد" [أخرجه ابن ماجة رقم 1753 والحاكم في المستدرك 1/422]، وقد قال الله تعالى في أثناء آيات الصيام: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}، [البقرة 186] ليرغب الصائم بكثرة الدعاء. ومن فضائله: أنه يجعل كل أعمال الصائم عبادة كما روى أبو داود الطيالسي والبيهقي عن ابن عمر مرفوعا: "صمت الصائم تسبيح ونومه عبادة ودعاؤه مستجاب وعمله مضاعف" [أخرجه الديلمي في مسند الفردوس 3576 والهندي في كنز العمال وعزاه إلى أبي زكريا بن منده في أماليه رقم 23602]. ومن فضائل الصيام: أنه جزء من الصبر، فقد أخرج الترمذي وابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "الصيام نصف الصبر" [أخرجه أحمد 4/ 260، والبهقي في شعب الايمان 7 / 177 رقم 3297، وابن ماجة رقم 1745] وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أن الصابرين يوفون أجورهم بغير حساب. ومن فضائل الصوم وفوائده الطبية أنه يسبب صحة البدن كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "صوموا تصحوا" رواه السني وأبو نعيم [ذكره الهندي في كنز العمال رقم 32605 وعزاه إلى ابن السني وأبي نعيم وقال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء 3 / 75، رواه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الطب النبوي من خديث أبي هريرة بسند ضعيف، وقال الصاغاني موضوع]، وذلك لأن الصوم يحفظ الأعضاء الظاهرة والباطنة، ويحمي من تخليط المطاعم الجالب للأمراض، هذا وللصيام فوائد كثيرة لا يمكننا استيفاؤها، ولكن الغرض التنبيه على بعضها، وفي هذا القدر كفاية إن شاء الله. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.
( من كتاب إتحاف أهل الإيمان بدروس رمضان ، للشيخ الدكتور صالح الفوزان )
[1] أخرجه البخاري رقم 1894، 1904 ومسلم رقم 1151. [2] أخرجه البخاري 1896 ومسلم 1152. [3] أخرجه ابن ماجة رقم 1753 والحاكم في المستدرك 1/422. [4] سورة البقرة 186. [5] أخرجه الديلمي في مسند الفردوس 3576 ، والهندي في كنز العمال وعزاه إلى أبي زكريا بن منده في أماليه رقم 23602. [6] أخرجه أحمد 4/ 260، والبهقي في شعب الايمان 7 / 177 رقم 3297، وابن ماجة رقم 1745 . [7] أخرجه البخاري ومسلم . [8] أخرجه البخاري ومسلم .
عبادة القيام
قال تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً، وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً )[1]، وقد كان قيام الليل دأب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قالت عائشة رضي الله عنها: "لا تدع قيام الليل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً". ثانياً: وعن ابي هريرة " رضي الله عنه" أيضاً أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[2]. ثالثاً: وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصلي من الليل ما شاء الله، حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة، ثم يقول: لهم الصلاة الصلاة، ويتلو: ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى )[3]، وكان ابن عمر يقرأ هذه الآية: ( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ )[4]. قال: ذاك عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال ابن أبي حاتم: وإنما قال: ابن عمر ذلك، لكثرة صلاة أمير المؤمنين عثمان بالليل وقراءته، حتى أنه ربما قرأ القرآن في ركعة. رابعاً: وعن علقمة بن قيس قال: ( بت مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ليلة، فقام أول الليل ثم قام يصلي، فكان يقرأ قراءة الإمام في مسجد حيه، يرتل ولا يراجع، يسمع من حوله، ولا يرجع صوته، حتى لم يبق من الغلس إلا كما بين أذان المغرب إلى الانصراف منها، ثم أوتر). خامساً: وفي حديث السائب بن زيد قال: ( كان القارئ يقرأ بالمئين - يعني بمئات الآيات -، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام؛ قال: وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر )[5].
وأخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الامين ، وعلى اله وصحبه أجمعين .
أقوال العلماء في عبادة القيام
أولاً: سماحة الشيخ العلامة ابن باز –رحمه الله-: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول اللهوعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالتهجد يبدأ من بعد صلاة العشاء إلىآخر الليل كله تهجد, والأفضل آخر الليل لمن تيسر له ذلك، لقول النبي -صلى الله عليهوسلم-: "من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليلفليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل"، رواه مسلم في الصحيح،ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: "صلاة داوود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينامسدسه"، قال: "وهي أفضل الصلاة"، وقال -عليه الصلاة والسلام-: "ينزل ربنا إلى السماءالدنيا كل حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألنيفأعطيه، من يستغفرني فأغفر له, حتى يضيء الفجر"، متفق على صحته. هذا يدل على شرعيةالقيام آخر الليل وأنه أفضل، وأنه مظنة الاستجابة يقول: "من يدعوني فأستجيب له"، وهكذا جوف الليل صلاة داوود والسدس الرابع والخامس كلها مظنة الإجابة، وكلها محلفضل للصلاة, والتهجد وذلك أفضل من أول الليل، لكن من كان يخشى أن لا يقوم من آخرالليل فإنه يشرع له الإيتار في أول الليل بعد صلاة العشاء قبل أن ينام، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة"، هذا نزول يليق بالله،لا يكيف, لا يعلم كيفيته إلا هو-سبحانه وتعالى- يوصف -جل وعلا- بالنزول وبالاستواءعلى العرش والكلام والإرادة والمشيئة والسمع والبصر وغير هذا من الصفات الواردة فيالقرآن العظيم والسنة الصحيحة، يجب وصفه بها –سبحانه- على الوجه اللائق به -جلوعلا- من غير تشبيه له في خلقه كما قال سبحانه: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَالسَّمِيعُ البَصِيرُ ) ، [سورة الشورى]؛ وقال سبحانه: ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَد)، "سورة الإخلاص"؛ وقال سبحانه: ( فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ)،[سورةالنحل]؛ والله -جل وعلا- لا مثيل له ولا كفء له ولا شبيه له -سبحانه وتعالى- هوالكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو ينزل نزولاً يليق بجلاله لا يعلمكيفيته إلا هو -سبحانه وتعالى- إلى السماء الدنيا آخر الليل، في الثلث الأخير،يقول- جل وعلا-: "من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له"،فنوصي باغتنام هذا الخير العظيم، ومن تيسر له القيام آخر الليل فهو أفضل ومن لميتيسر له ذلك فليوتر أو الليل، وأقل ذلك ركعةٌ واحدة يوتر بها أول الليل، أو فيآخره وكلما زاد فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "صلاةالليل مثنى مثنى -يعني ثنتين ثنتين- فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة, توتر لهما قد صلى"، يعني المتهجد بالليل يصلي ثنتين ثنيتن، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتربواحدة يقرأ فيها الحمد وقل هو الله أحد هذا هو السنة، وأفضل ذلك إحدى عشرة أوثلاثة عشرة؛ لأن هذا هو وتر النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغالب, كان وتره فيالغالب إحدى عشرة أو ثلاثة عشرة -عليه الصلاة والسلام-، ومن زاد وأوتر بأكثر من هذافليس له حدٌ محدود، ولو أوتر بستين، أو خمسين، أو مائة ركعة يسلم من كل ثنتين فلا بأسويوتر بواحدة، لكن كونه يوتر بإحدى عشرة أو ثلاثة عشرة هذا هو الأفضل وإن أوتربثلاث أو بخمس أو بسبع أو بتسع, كله طيب، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين فإن سردثلاثاً وأوتر بها أو خمساً وأوتر بها سرداً لم يجلس فيها إلا في الآخر فلا بأس، قدثبت هذا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض الأحيان -عليه الصلاة والسلام-، وهكذالو سرد سبعاً ولم يجلس إلا في آخرها، فلا بأس وإن جلس في السادسة وأتى بالتشهدالأول، ثم قام وأتى بالسابعة كذلك، هذا ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثبت هذاوهذا عنه -عليه الصلاة والسلام- سرد السبع في بعض الأحيان وفي بعض الأحيان جلس فيالسادسة وتشهد ثم قام قبل أن يسلم وأتى بالسابعة، وهكذا سرد تسعاً جلس في الثامنةفي التشهد الأول، تشهد التشهد الأول ثم قام وأتى بالتاسعة، ولكن الأفضل هو ما كانيغلب عليه -عليه الصلاة والسلام وهو أنه يسلم من كل ثنتين هذا هو الأفضل، وهو موافقلقوله -صلى الله عليه وسلم-: "صلاة الليل مثنى مثنى"، يعني ثنتين, ثنتين يسلم من كلثنتين، وفق الله الجميع. جزاكم الله خيراً.
( موقع سماحة الشيخ العلامة ابن باز – رحمه الله- )
ثانياً: معالي فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله- : صلاة الليل أفضل ما تكون بعد نصف الليل في الثلث الذي يلي النصف، بمعنى أن الإنسان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام ثلثه، فإن هذا أفضل القيام، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وقال إن هذا قيام داود عليه السلام، لكن الإنسان متى تيسر له أن يقوم في آخر الليل فليقم، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديث الصحيح المشهور (ينزل ربنا للسماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني، فأستجيب له من يسألني، فأعطيه من يستغفرني، فأغفر له)، أما عدد الركعات فقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة أو ثلاثة عشرة ركعة، هذا هو أفضل العدد مع طول القيام والركوع والسجود والقعود، وإذا زاد الإنسان على ذلك، فلا حرج، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل عن صلاة الليل فقال صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوتر، كما صلى، ولم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم عددا معيناً، وهذا يدل على أن الأمر واسع.
ثالثاً: سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ : عبادَ الله، إنّ قيامَ الليل عبادة عظيمةٌ وعمَل جليل، ولقد مدَح الله به عبادَه المؤمنين، فذكر من أخلاقهم الحميدةِ التي نالوا بها بفضل الله جنّاتِ النعيم قيامَهم الليلَ فقال: ( إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ ءاخِذِينَ مَا ءاتَـٰهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُواْ قَلِيلاً مّن ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِٱلأَسْحَـٰرِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ). فوصَفَهم بأنّهم قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون، فهم يُحيون جزءًا من الليل، ويختِمون ذلك بالاستغفار عمّا قدّموا وأساءوا؛ وقال جلّ جلاله: ( تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )، أخفَوا قيامَهم في الليل، وصار قيامُهم سِرًّا بينهم وبين ربِّهم، فأنالهم الله ذلك الثوابَ العظيم، ما لا رأت عينٌ ولا سمِعت أذنٌ ولا خطَر على قلبِ بشر، فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ؛ وقال الله لنبيّه: ( وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا). وأخبر تعالى عن فضل قيام الليل وأنّ في قيام الليل تواطؤَ القلب مع اللسان: ( إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ وَطًْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً)، وقال: ( وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُ وَسَبّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً). أيّها المسلمون، وخلُق نبيِّكم أنّه كان يقوم الليلَ ويحافظ على قيام الليل، ويخبر أنّ قيامَه بالليل شكرٌ لربّه على نعمِه العظيمة عليه، تقول عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنهما: " كان رسول الله يقول الليلَ حتى تفطّرت قدماه، فسألَته قائلةً له: أتفعل هذا وقد غفَر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر؟! تشير إلى قوله: " لّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ"، قال: "ألا أكون عبدًا شكورًا؟!". فإنّ شكرَ الله على نعمِه التقرّبُ إليه بالفرائض وبالنوافل بعد الفرائض، وكلّما تصوّر العبد نعَمَ الله عليه دعاه ذلك إلى أن ينافِس في صالح الأعمال. وأخبر أنّ قيامَ الليل سببٌ لدخول الجنّة والفوز بها بفضل الله ورحمته، قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه: لمّا قدم النبيّ المدينةَ جفل الناس إليه، فكنتُ فيمن جَفل إليه، فاستبنتُ وجهَه فلم أرَ وجهَ كذّاب، فسمعتُ أوّلَ ما قال: "أيّها الناس، أطعِموا الطعام، وأفشوا السلام، وصِلوا الأرحام، [وصلّوا بالليل والناس نيام]، تدخلوا الجنّةَ بسلام". وأخبرَ ما لقائمِ الليل في الجنّة من النعيم المقيم، فقال: "إنّ في الجنة غرفًا، يُرى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها"، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لمن أطاب الكلامَ، وأطعَم الطعام، وصلّى بالليل والناس نيام". أيّها المسلم، فالمسلم في ليلِه وفي تهجُّده يعبُد ربَّه، ويَشكو ذنبَه، ويناجي ربَّه، فيسأله جنّته ومغفرتَه، ويستعيذ به من عذابه، ويرجو رحمتَه وفضله وإحسانَه؛ إنّه يقوم من فراشه، ومِن لذيذ منامه، لماذا؟ ليقفَ بين يدَي ربِّه في تلك اللّحظاتِ المباركة ووقت التنزّل الإلهي، حينما ينزل ربّنا إلى سمائه الدنيا حينما يبقى ثلث الليل الآخر، فينادي: هل من سائل فيُعطَى سؤلَه، هل من مستغفرٍ فيغفَر له، هل من داعٍ فتجاب دعوته. أيّها المسلم، إنّ في قيام الليل فرصةً لك لتسألَ ربَّك ما أحببتَ من خيرَي الدنيا والآخرة، ففي ذلك الوقت العظيم المبارَك فرصة لك لتشكوَ إلى الله حالك، وترجوه من فضله، وتتوب إليه من زللِك وخطئك، وتسأله ما أحببتَ من خيرَي الدنيا والآخرة، فإنّك تسأل كريمًا وقريبًا مُجيبًا وغنيًّا حميدًا، يحبّ من عباده أن يسألوه ويلتجِئوا إليه، يحبّ منهم أن يسألوه وقد وعَدَهم الإجابةَ فضلاً منه وكرَمًا: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )، قال جابر بن عبد الله: قال رسول الله : "إنّ في الليل ساعةً لا يوافقها رجل مسلمٌ يسأل الله خيرًا مِن أمر الدنيا والآخرة إلاّ أعطاه الله إياه، وذلك كلَّ ليلة". فهي فرصةٌ لك ـ أخي المسلم ـ لتقومَ بين يدَي ربّك، تناجيه وتسأله الثباتَ على الحقّ والاستقامة على الهدى، وأن يختمَ حياتَك بخاتمةِ خير. أيّها المسلم، إنّ في قيام الليل فوائد، يقول: "عليكم بقيامِ الليل، فإنّه دأب الصالحين قبلكم، ومكفرة لذنوبكم، وقربَة تتقرّبون بها إلى ربّكم، وطردًا للدّاء عن الجسَد، ومنهاة عن الإثم". إذًا ففي قيام الليل تلكم الفوائد: الاقتداء بالصالحين، تكفيرُ الذنوب، قربةٌ نتقرّب بها إلى الله، يُبعد الداءَ عن أجسادنا، فيجعلنا نتمتّع بها على الطاعة، ويجنّبنا الآثام والعصيان. سئلت عائشة رضي الله عنها فقيل لها: إنّ الله لم يفترِض علينا سوى الصلواتِ الخمس، قالت: نعم، لعمري ما افترضَ الله عليكم إلاّ هذه الصلوات، ولن يطالبَكم إلا بما افترض عليكم، ولكنّكم قوم تخطئون وتذنِبون، وما أنتم إلاّ من نبيّكم، وما نبيّكم إلا منكم، ولقد كان يحافظ على قيام الليل. قال في حقّ عبد الله بن عمر: "نِعمَ الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل"، قال سراري عبد الله فما ترك عبد الله قيامَ الليل. وقال عبد الله بن عمرو: عن النبيّ قال في رجل كان يقوم الليل فترك قيامَ الليل، قاله منكرًا عليه، قال: "يا عبدَ الله بن عمرو، لا تكن مثلَ فلان، كان يقوم الليل فترك قيامَ الليل". أيّها المسلم، قيامُ شيءٍ من الليل فيه صلاحٌ لدينك، واستقامة لحالك، وتقرّب إلى ربّك ورجاء الثواب، وستجد ذلك مدَّخرًا لك أحوجَ ما تكون إليه، قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (تصدّقوا بصدقةِ السرِّ ليومٍ عسير، صلّوا في ظلمةِ الليل لظلمةِ القبور، صوموا يومًا شديدًا حرُّه ليوم النّشور). أيّها المسلم، إنّ نبيّنا كان يحافِظ على قيام الليل، وإذا حُجز عنه لوجعٍ أو غيره قضاه في النهار، فكان يواظِب على إحدى عشرَة ركعة، فإذا عجز عنها لمرضٍ أو غيره صلاّها في الضّحَى ثنتَي عشرَةَ ركعة. هكذا كان يحافِظ على قيام الليل، ويحافظ عليه صحابتُه الكرام والتابعون لهم بإحسان، فهو خلُق أهلِ الإيمان، يزدادون به خيرًا، ويزدادون به قربةً إلى الله، قال بعض السلف لما دخل عليه رجلٌ ورأى أثرَ الخير عليه قال: "من قامَ بالليل حسُن وجهه بالنهار"، يعني أنّ لقيام الليل آثارًا على القائم وعملاً صالحًا ونورَ الخير والتقى. قيل لعبد الله بن مسعود: ما نستطيع قيامَ الليل، قال: قيّدتكُم خطاياكم، لو صدقتُم الله لأعانكم، ألم تسمعوا الله يقول: (وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَـٰعِدِينَ)؟! . إنّ قيامَ الليل نعمة يمنّ الله بها على من يشاء من عبادِه، فيجِد ذلك القائمُ لهذا الوقت لذةً وسرورًا وانبساطًا وانشراحَ صدر وقرّةَ عين، وهو قائم يتلو كتابَ الله ويتدبّره، ويسبّح الله ويحمده ويثني عليه ويلجأ إليه، فما أعظمَها من نعمةٍ لمن وُفِّق لها، ولا يعرف قدرَها إلا من مُنِح تلك النعمة، قال بعض السلف: "إنّ أهلَ الليل في ليلهم وتهجُّدهم ألذّ من أهل اللهو في لهوهم"، نعم إنّهم ألذّ، فهؤلاء في سبيلِ صلاح قلوبهم واستقامةِ حالهم، وهؤلاء في سبيل فساد قلوبهم وذهاب دينهم، أعاذنا الله وإياكم من حالة السوء. فعلى المسلم: الذي يرجو رحمةَ ربّه أن لا يفوّتَ هذه النعمةَ ولو جزءًا يسيرًا، فما يزال العبدُ يألَف تلك الطاعةَ ويحبّها حتى يوفّقه الله، فيجعله ممّن اعتادَ هذا العمل الصالح ورغِبه وأحبّه. جعلني الله وإيّاكم من المسارعين لفعل الخيرات، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل، لي، ولكم، ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم...
( من خطبة لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ بعنوان: " قيام الليل " )
رابعاً: معالي فضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان : لا شك أن ترك قيام الليل من الحرمان حرمان عظيم، وخسارة في صحيفة المسلم، قال صلى الله عليه وسلم: " أفضل الصلاة قيام الليل إلا المكتوبة"؛ قيام الليل فيه فضل عظيم، لا ينبغي التفريط، التفريط به، والتكاسل عنه، لأن المسلم بحاجة له، فعلى المسلم أن يعود نفسه على قيام الليل، لأجل أن يعتاده وينشط إذا جاء وقته، لأن النفس حسب ما تعود، إن ترك فيها الكسل زاد عليه الفتور، وإن عودت في القيام تعودت هذا الشي وصار سهلا عليها ، مع الاستعانة بالله عز وجل، وصدق العزم عن القيام آخر الليل، وعمل الاحتياطات التي توقظه لقيام الليل، كأن يوصي أحداً ان يوقضه، كأن يجعل عنده ساعة ينبهه، كذلك من باب أولى أن ينام مبكرا حتى يأخذ قسطه من الراحة، ويقوم في آخر الليل، الحاصل أن قيام الليل -ولو بقدر قليل يداوم عليه- فيه فضل عظيم، لا يفرط فيه المسلم.
( موقع فضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان )
[1] سورة الفرقان:64،63. [2] أخرجه البخاري ومسلم. [3] سورة طه:132. [4] سورة الزمر:9.
عبادة العمرة في شهر رمضان
· تعريف العمرة:
العمرة في اللغة: هي الزيارة. وشرعا: هي زيارة بيت الله الحرام، على وجه مخصوص، وهو النسك المعروف المتركب من الإحرام والتلبية، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير.
· أفضل وقت تؤدى فيه العمرة:
أفضل وقت تؤدى فيه العمرة في شهر رمضان، وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عمرة في رمضان تعدل حجة"، وفي رواية أخرى: "تقضي حجة معي"2.
المصدر : منتيديات مجالس الوفاء :: مجلس الخيمه الرمضانيه
الجنس : عدد المشاركات : 93تاريخ التسجيل : 29/10/2011الاقامه : مصرالساعه الأن :
موضوع: رد: ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا ) / بقلم راويه الأحد يوليو 29, 2012 4:57 am
فتاوى العلماء في فضل العمرة في رمضان وبيان أحكامها
أولا: سماحة الشيخ العلامة ابن باز –رحمه الله- : 1- عنوان الفتوى: حكم أخذ الإجازات الاضطرارية من أجل أداء العمرة في رمضان السؤال: يقول: عندنا في العمل في عقد العمل أنه يستحق كل واحد من العاملين عشرة أيام إجازة اضطرارية، فهل يجوز أخذها في رمضان من أجل العمرة؟ الجواب: إذا سمح له المسئولون، يبين له أنه العمرة اضطرارية غير، العمرة، العمرة غير اضطرارية، فإذا كان أرادوا له رخصة مطلقة بحاجاته، هذي من الحاجات، أما الضرورة لا ما تسمى ضرورة، ولكن إذا كان يسمحون له أنه بياخذ عمرة، أو يترخص للجلوس مع أهله، أو لحاجات أخرى لا بأس، أما الضرورة غير، الضرورات: يكون مريض يضطر إلى ترك العمل، أو ضرورة مرضى يحتاج إلى الذهاب إلى المستشفيات، وما أشبه ذلك، المقصود يشرح لهم يشرح للمسئول أنه يريد العمرة.
2- عنوان الفتوى: أداء العمرة في رمضان السؤال: رجل يريد أداء العمرة في رمضان، ولكن قبل ذهابه إلى مكة يريد الذهاب إلى جدة والبقاء فيها يومين، ثم بعد ذلك يذهب إلى مكة لأداء العمرة، علما بأن هذا الرجل قد نوى العمرة من الرياض وسوف يسافر بالطائرة، ماذا يفعل؟ الجواب: إذا نوى العمرة من الرياض يحرم من الميقات، ويبقى في جدة وهو محرم لقضاء حاجته، أو يبدأ في العمرة وينتهي منها ثم يرجع إلى جدة ما يتجاوز من الميقات إلا بإحرام فإن تجاوز إلى جدة غير محرم لزم أن يرجع الميقات ويحرم من الميقات وإن حب يذهب إلى جدة ويقضي حاجته ثم يرجع إلى الميقات فلا بأس المقصود لابد من الميقات إذا كان أراد العمرة من بلده لابد أن يحرم من الميقات ويذهب إلى جدة محرما ويقضي حاجته ثم يذهب إلى العمرة أو يبدأ بالعمرة فإن أحب أن يذهب إلى جدة غير محرم ويقضي حاجاته ثم يعود إلى الميقات ويحرم فلا بأس. 3- عنوان الفتوى: ميقات الإحرام لأداء العمرة السؤال: سماحة الشيخ يقول السائل: أنا مقيم في الرياض، وأريد أن أزور أهلي في جدة، وأريد أداء العمرة في شهر رمضان إن شاء الله، فهل أحرم في جدة، أم لا بد من الإحرام في الميقات؟ الجواب: لا، ما دمت قصدت جدة لأداء العمرة تحرم من الميقات، وإذا أردت أن تبدأ بأهلك تبدأ بجدة، ثم ترجع إلى الميقات وتحرم من الميقات بالعمرة، أما إذا كنت لا ما قصدت أهلك ما عندك نية عمرة، ثم بدا لك أن تعتمر وأنت في جدة، فتحرم من جدة، أما إذا كنت مشيت من الرياض، أو من الخرج، أو من الحوط، أو من أي مكان بقصد العمرة، ولكن تمر أهلك بجدة، فأحرم من الميقات، وإن بدأت بأهلك، ثم رجعت من الميقات وأحرمت منه فلا بأس.
( من مكتبة مؤسسة الدعوة الخيرية )
ثانيا: معالي فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين –رحمه الله- : 1- عنوان الفتوى: نصيحة وتوجيه لبعض أئمة المساجد لمن يريد العمرة في رمضان السؤال: ما توجيهكم ـ حفظكم الله ـ لبعض أئمة المساجد الذين يتركون مساجدهم في رمضان ويذهبون إلى مكة للعمرة والصلاة في الحرم خلال هذا الشهر؟ الجواب: توجيهنا لهؤلاء أن يعلموا أن بقاءهم في مساجدهم لاجتماع الناس فيها، وأداء واجبهم الذي التزموه أمام حكومتهم أفضل من أن يذهبوا إلى مكة ليقيموا فيها ويصلوا هناك. والنبي عليه الصلاة والسلام لم يذكر في رمضان في الذهاب إلى مكة إلا العمرة، فقال: "عمرة في رمضان تعدل حجة"، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلّم الإقامة هناك، ولكن لا شك أن الإقامة في مكة أفضل من الإقامة في غيرها، لكن لغير الإنسان الذي له عمل مرتبط به أمام حكومته، وواجب عليه أن يقوم به، فنصيحتي لهؤلاء إذا شاءوا أن يؤدوا العمرة أن يذهبوا إليها وأن يرجعوا منها بدون تأخُّر؛ ليقوموا بما يجب عليهم نحو إخوانهم وولاة أمورهم.
2- عنوان الفتوى: "عمرة في رمضان تعدل حجة" السؤال: يعتقد بعض الناس أن العمرة في رمضان أمر واجب على كل مسلم لابد أن يؤديه ولو مرة في العمر، فهل هذا صحيح؟ الجواب: هذا غير صحيح. والعمرة واجبة مرة واحدة في العمر، ولا تجب أكثر من ذلك، والعمرة في رمضان مندوب إليها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلّم- قال: "عمرة في رمضان تعدل حجة".
(موقع فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين –رحمه الله- )
ثالثا: معالي فضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان : 1- عنوان الفتوى: ثواب تكرار العمرة في رمضان السؤال: أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة، وهذا سائل يقول في سؤاله: إذا اعتمر المسلم مرتين في رمضان، هل يكون قد أصاب الأجر المذكور في الحديث مرتين؟ الجواب: النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "عمرة في رمضان تعدل حجة"، فإذا اعتمر في رمضان نال هذا الثواب، إذا تقبل الله منه، في رواية: "تعدل حجة معي"، يعني ثواب عظيم، أما تكرار العمرة في وقت متقارب، فهذا غير مرغوب فيه، العلماء يكرهونه تقارب العمرة في وقت متقارب، اللي يؤدي العمرة يجلس في مكة، هذا أفضل له يؤدي العمرة ويجلس في مكة، هذا أفضل له من أنه يخرج من مكة ويجيب عمرة ثانية، لأن صلاته في المسجد الحرام عن ألف صلاة، و طوافه بالبيت واعتكافه بالمسجد الحرام، هذا أفضل من العمرة.
2- عنوان الفتوى: ثواب العمرة في رمضان وغيره السؤال: أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة، هذا سائل يقول: ما حكم العمرة في رمضان، وهل تعادل حجة ، وسمعت لو أن الشخص اعتمر أكثر من مرة في غير رمضان فإنها تعادل حجة ؟ الجواب: هذا ورد في الحديث أن العمرة في رمضان تعدل حجة، في رواية تعدل حجة معي مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فيها فضل في رمضان فيها فضل لا شك في ذلك، أما في غير رمضان فلا أعرف أنها تعدل حجة، فهي عمرة الحج الأصغر، لكن العمرة في رمضان أصبح الناس الآن يسيئون التصرف، فأئمة المساجد بعضهم يترك المسجد ويروح يعتمر في رمضان، فيترك الواجب عليه ويروح يؤدي السنة، هذا لا يجوز أنه يترك عمله الواجب عليه وهو إمامة المسجد وفي رمضان الحاجة أشد، ويتركه ويروح يدور الفضل، الفضل في بقائه وأدائه عمله، وكذلك من الناس لم يذهب في ليلة سبعة وعشرين وقت ازدحام، أو في العشر الأواخر وقت الزحام فيحصل خطر ضيق وضنك، وقد لا يتمكن من أداء العمرة على الوجه المطلوب بسبب الزحام، وقد لا يتمكن حتى من الصلوات المفروضة في الحرم على الوجه المطلوب بسبب الزحام الشديد، فإذا كان فيه زحمة شديدة لا يروح، لا يؤدي عمرة يروح بأول الشهر، يروح في أول الشهر وقت خفة الزحام، أما إذا كان رمضان كله زحمة يخل العمرة بعد رمضان، أو قبل رمضان يروح، يعني في الأمر سعة -ولله الحمد-، فالعمرة التي يترتب عليها محاذير يتركها الإنسان، أما إذا تمكن من أداء العمرة بدون مشقة شديدة وبدون زحام، ففيها فضل عظيم في رمضان وفي غيرها، لكن في رمضان أفضل.
3- عنوان الفتوى: عمرة رمضان السؤال: رأي فضيلتك في عمرة رمضان؟ الجواب: جيدة، طيبة، عمرة رمضان طيبة، لكن إذا كان في عمل أفضل منها، مثل كونه إمام مسجد ويقوم بإمامة المسجد، فهذا أفضل من العمرة، كونه مثلا يربي أولاده ويحفظهم من الضياع هذا أفضل من العمرة، كونه يعتكف يحيي سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويعتكف في المسجد، فهذا أفضل من العمرة، في أعمال كثيرة أفضل من العمرة.
4- عنوان الفتوى: العمرة ليلة السابع والعشرين من رمضان السؤال: أحسن الله إليكم، وهذا سائل يسأل: عن العمرة ليلة السابع والعشرين من رمضان، هل لها مزية ؟ الجواب: لم يرد في تخصيص ليلة السابع والعشرون بالعمرة دليل، وإنما اجتهاد من الناس، لأنها هي التي يتحرى فيها ليلة القدر أكثر من غيرها، وبعض الناس يقول أبجيب عمرة في ليلة القدر يكون هذا أفضل، وهذا لا بأس إن أراد أنه يعتمر بأول رمضان، أو في وسطه، أو في آخره، كله لا بأس، أما تخصيصه أنه لا يعتمر إلا في ليلة سبع وعشرين، فهذا لا دليل عليه، ثم أيضا ليلة سبعة وعشرين أصبح الخطر فيها شديدا، زحام الكثير والشاق، حتى أنه بعضهم يخلع الإحرام ويهرب من مكة ويترك العمرة، بسبب الزحام والخوف من الخطف، خصوصا إذا كان معه نساء ولا أطفال، كثير منهم يخلعون الإحرام، ثم يرجعون، ثم يسألون بعدين نحن فعلنا كذا، وكذا، هل أحد حدكم على أنكم تروحون في هل الليلة هذي، ما أروح، لماذا لم تروحوا في أول الشهر في وقت السعة، أو في أول العشر، أو في وسط رمضان، فأنتم الذين فعلتم هذا الذي لا أصل له، ثم أيضا تصرفتم هذا التصرف السيئ.
الجنس : عدد المشاركات : 93تاريخ التسجيل : 29/10/2011الاقامه : مصرالساعه الأن :
موضوع: رد: ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا ) / بقلم راويه الأحد يوليو 29, 2012 5:01 am
عبادة قراءة القرآن
لقد جاءت النصوصُ الكثيرة في فضْلِ عبادة قراءة القران، منها: أولا: قالَ الله تَعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـابَ اللَّهِ وَأَقَامُواْ الصَّلَوةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَـاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَـارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ }، [فاطر: 29، 30]. وتِلاوةُ كتَابِ اللهِ عَلَى نوعين: الأولى: تلاوةٌ حكميَّةٌ، وهي تَصْدِيقُ أخبارِه وتَنْفيذُ أحْكَامِهِ بِفِعْلِ أوامِرِهِ واجتناب نواهيه. والنوعُ الثاني: تلاوة لفظَّيةٌ، وهي قراءتُه. ثانيا: وفِي صحيح البخاريِّ عن عثمانَ بن عفانَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ: "خَيرُكُم مَنْ تعَلَّمَ القُرآنَ وعَلَّمَه"، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "الماهرُ بالقرآن مع السَّفرةِ الكرامِ البررة، والذي يقرأ القرآنَ ويتتعتعُ فيه وهو عليه شاقٌّ له أجرانِ". والأجرانِ أحدُهُما على التلاوةِ والثَّاني على مَشقَّتِها على القارئ. ثالثا: وفي الصحيحين أيضاً عن أبي موسى الأشْعَريِّ رضي الله عنه أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم قالَ: "مثلُ المؤمنِ الَّذِي يقرأ القرآنَ مَثَلُ الأتْرُجَّةِ ريحُها طيبٌ وطعمُها طيّبٌ، ومثَلُ المؤمِن الَّذِي لاَ يقرَأ القرآنَ كمثلِ التمرة لا ريحَ لها وطعمُها حلوٌ"، وفي صحيح مسلم عن أبي أمَامةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: "اقْرَؤوا القُرآنَ فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعاً لأصحابهِ". رابعا: وفي صحيح مسلم أيضاً عن عقبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ: "أفلا يغْدو أحَدُكمْ إلى المسجدِ فَيَتعلَّم أو فيقْرَأ آيتينِ منْ كتاب الله عزَّ وجَلَّ خَيرٌ لَهُ مِنْ ناقتين، وثلاثٌ خيرٌ له من ثلاثٍ، وأربعٌ خير له مِنْ أربَع ومنْ أعْدادهنَّ من الإِبِلِ". خامسا: وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قَالَ: "ما اجْتمَعَ قومٌ في بيتٍ مِنْ بُيوتِ اللهِ يَتْلُونَ كتابَ الله ويَتدارسونَهُ بَيْنَهُم إلاَّ نَزَلَتْ عليهمُ السكِينةُ وغَشِيْتهُمُ الرحمةُ وحفَّتهمُ الملائكةُ وَذَكَرَهُمْ الله فيِمَنْ عنده". سادسا: وقال صلى الله عليه وسلّم: "تعاهَدُوا القرآنَ فوالذي نَفْسِي بيده لَهُو أشدُّ تَفلُّتاً من الإِبلِ في عُقُلِها"، متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلّم: "لا يقُلْ أحْدُكم نَسيَتُ آية كَيْتَ وكيْتَ بل هو نُسِّيَ"، رواه مسلم. وذلك أنَّ قولَه نَسيتُ قَدْ يُشْعِرُ بعدمِ المُبَالاةِ بِمَا حَفظَ من القُرْآنِ حتى نَسيَه. سابعا: وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: "من قَرأ حرفاً من كتاب الله فَلَهُ به حَسَنَةٌ، والحسنَةُ بعشْر أمْثالها، لا أقُول الم حرفٌ ولكن ألفٌ حرفٌ ولاَمٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ"، رواه الترمذي. ثامنا: وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه أيضاً أنَّه قالَ: "إنَّ هذا القرآنَ مأدُبةُ اللهِ فاقبلوا مأدُبَتَه ما استطعتمُ، إنَّ هذا القرآن حبلُ اللهِ المتينُ والنورُ المبينُ، والشفاءُ النافعُ، عصمة لِمَنْ تمسَّكَ بِهِ ونجاةٌ لِمَنْ اتَّبعَهُ، لا يزيغُ فَيُستَعْتَب، ولا يعوَجُّ فيقوَّمُ، ولا تنقضي عجائبه، ولا يَخْلَقُ من كثرةِ التَّرْدَادَ، اتلُوه فإنَّ الله يَأجُرُكُم على تلاوتِهِ كلَّ حرفٍ عشْرَ حسناتٍ. أمَا إني لا أقولُ الم حرفٌ ولكِنْ ألِفٌ حرفٌ ولاَمٌ حرفٌ وميم حرفٌ" رواه الحاكِم. تاسعا: وَقَدْ وردت السُّنَّةُ بفضائل سُورٍ معينةٍ مخصصةٍ فمن تلك : أ- السور سورةُ الفاتحة. ففي صحيح البخاري عن أبي سَعيدِ بن المُعلَّى رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال له: "لأعُلِّمنَّك أعْظَم سورةٍ في القرآن {الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَـلَمِينَ } هي السَّبعُ المَثَانِي والقرآنُ العظيمُ الذي أوتيْتُه"، ومن أجل فضيلتِها كانت قراءتُها ركْناً في الصلاةِ لا تصحُّ الصلاةُ إلاَّ بها، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: "لا صلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحةِ الكتاب"، متفق عليه. وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم: "مَنْ صلَّى صلاةً لمْ يقرأ فيها بفاتحةِ الكتاب فهي خِدَاجٌ يقولها ثلاثاً"، فقيل لأبي هريرة إنا نكون وراءَ الإِمام فقال اقْرأَ بِها في نَفْسكَ. الحديث، رواه مسلم.
ب- ومن السور المعيَّنَة سورةُ البقرة وآل عمران، قال النبي صلى الله عليه وسلّم: "اقرؤوا الزهراوين البقرةُ وآل عمران فإنهما يأتيان يومَ القيامةِ كأنَّهُمَا غَمامتان أو غَيَايتان أو كأنهما فِرْقَانِ مِنْ طيرٍ صوافَّ تُحاجَّانِ عن أصحابهما اقرؤوا سُورَة البقرةِ فإنَّ أخْذَها بَرَكةٌ وتَرْكَها حسرةٌ لا يستطيعها البَطَلَةُ" يعني السحرة، رواه مسلم. وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: "إنَّ البيتَ الَّذِي تُقرأُ فيه سورة البقرةِ لا يَدْخله الشَّيطانُ"، رواه مسلم. وَذَلِكَ لأنَّ فيها آية الكرسيِّ. وقد صحَّ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلّم أن من قرأها في لَيْلَةٍ لم يَزَلْ عليه مِنَ الله حافظٌ ولا يَقربُه شيطانٌ حتى يُصْبحَ. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ جبْريلَ قالَ وهُو عِنْدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم: هذا بابٌ قد فُتِحَ من السَّماءِ ما فُتحَ قَطُّ، قال: فنزلَ منْه مَلكٌ فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فقال: "أبْشرْ بنورَيْن قد أوتيتهما لم يؤتهُمَا نبيُّ قَبْلَك فاتِحةُ الكتابِ وخواتيمُ سورةِ البقرةِ لن تقْرَأ بحرفٍ منهما إلاَّ أوتِيتَهُ"، رواه مسلم. ج- ومن السُّورِ المعينةِ في الفضيلةِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }،[الإِخلاص: 1]، ففي صحيح البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قالَ فيها: "والَّذِي نفْسي بيده إنَّها تعدلُ ثُلُثَ القرآنِ"، وليس معنى كونِها تعدلُه في الفضيلـةِ أنَّها تُجْزِأ عنه. لذَلِكَ لو قَرَأهَا في الصلاةِ ثلاثَ مراتٍ لم تُجْزئه عن الفاتحةِ. ولا يَلْزَم من كونِ الشيءِ معادلاً لغيرهِ في الفضيلةِ أنْ يُجزأ عنه، ففي الصحيحين عن أبي أيُّوبَ الأنصارِي رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "مَنْ قالَ لا إِله إلاَّ الله وحده لا شريك له له الُملْكُ وله الحمدُ عَشْرَ مرَّاتٍ كان كمَن أعتقَ أربعةَ أنفُسٍ من ولدِ إسْماعيلَ" ومع ذلك فلو كان عليه أربعُ رقاب كفارة فقال هذا الذكر لم يجزئه عن هذه الرقاب وإن كان يعادلها في الفضيلة. د- ومن السُّور المعيَّنةِ في الفضيلةِ سُورتَا المُعوِّذَتَين: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ الْفَلَقِ }، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }، فعن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: "ألمْ تَر آيَاتٍ أُنْزِلَت الليلةَ لمْ يُرَ مثْلُهُنَّ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ بِرَبِّ الْفَلَقِ }، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }"، رواه مسلم. وللنَّسائي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم أمرَ عُقبَةَ أنْ يقرأ بهما، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلّم: "ما سَأَلَ سائِل بمثلهما ولا اسْتَعَاذَ مُسْتِعيذٌ بمثلهما". عاشرا: وكان السَّلفُ الصالحُ -رضي الله عنهم- يُكثِرون من تلاوةِ القرآنِ في رمضانَ في الصلاةِ وغيرها. كان الزُّهْرِيُّ رحمه الله إذا دخلَ رمضانُ يقول إنما هو تلاوةُ القرآنِ وإطْعَامُ الطَّعامِ. وكان مالكٌ رحمه الله إذا دخلَ رمضانُ تركَ قراءةَ الحديثِ وَمَجَالسَ العلمِ وأقبَل على قراءةِ القرآنِ من المصْحف. وكان قتادةُ رحمه الله يخْتِم القرآنَ في كلِّ سبعِ ليالٍ دائماً وفي رمضانَ في كلِّ ثلاثٍ وفي العشْرِ الأخير منه في كلِّ ليلةٍ. وكان إبراهيمُ النَخعِيُّ رحمه الله يختم القرآن في رمضان في كلِّ ثلاثِ ليالٍ وفي العشر الأواخِرِ في كلِّ ليلتينِ. وكان الأسْودُ رحمه الله يقرأ القرآنَ كلَّه في ليلتين في جميع الشَّهر. قال ابن رجب: (إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة، كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة، كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن، اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان). أ.هـ
أقوال العلماء وفتاواهم في عبادة قراءة القرآن
أولا: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية : وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: السَّهر في ليالي رمضان عند بعض الناس بالأجر لإحياء ليالي شهر رمضان هل هذا يجوز أم لا يجوز أم حلال أم حرام، أم منهي عنه مع الدليل من الكتاب والسنة ؟ حيث أنني أسهر عند بعض الناس كل عام، وأردت أن أمتنع هذا العام حتى أعرف الدليل أرجو إفتائي جزاكم الله خيراً ؟ فأجابت: أمر الله تعالى بعبادته وحث على تلاوة كتابه ودراسته، وهذا في ليالي رمضان آكد، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ قَامَ رَمَضَان إِيمَاناً واحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّم مِن ذَنْبِهِ ". وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أَحْيا ليلها وحثَّ أهله وأمته على ذلك، فمن فعل ذلك ابتغاء مرضاة الله ورجاء ثوابه فله أجر عظيم. أما ما اعتاده بعض المسلمين من السهر في ليالي رمضان في غير بيوتهم لتلاوة القرآن بأجرة فهو بدعة سواء قصدوا بذلك حصول البركة لهذه البيوت ولأهلها أو قصدوا هبة ثواب ما قرءوا لأهلها أحياء وأمواتاً، فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله؛ فكان بدعة محدثة . وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هّذَا مَا لَيْسَ مِنهُ فَهُو رَدٌّ " وفي رواية: "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيه أَمْرُنا فَهُو رَدَّ ".
وعلى هذا فلا أَجْر لمن فعله، ولا لمن ساعد عليه، بل عليه وزر لابتداعه وإحداثه في الدين ما ليس منه. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإِفتاء الرئيس: عبدالعزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله. نائب رئيس اللجنة: عبد الرزاق عفيفي رحمه الله . عضو: عبد الله بن الغديان حفظه الله. عضو: عبد الله بن قعود رحمه الله.
الجنس : عدد المشاركات : 93تاريخ التسجيل : 29/10/2011الاقامه : مصرالساعه الأن :
موضوع: رد: ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا ) / بقلم راويه الأحد يوليو 29, 2012 5:05 am
(من كتاب فتاوى رمضان)
ثانيا: فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله-: الحَمْدُ لله الدَّاعي إلى بابه، الموفِّق من شاء لصوابِهِ، أنعم بإنزالِ كتابِه، يَشتملُ على مُحكم ومتشابه، فأما الَّذَينَ في قُلُوبهم زَيْغٌ فيتبعونَ ما تَشَابَه منه، وأمَّا الراسخون في العلم فيقولون آمنا به، أحمده على الهدى وتَيسيرِ أسبابِه، وأشهد أنْ لا إِله إلاَّ الله وحدَه لا شَريكَ له شهادةً أرْجو بها النجاةَ مِنْ عقابِه، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه أكمَلُ النَّاس عَملاً في ذهابه وإيابه، صلَّى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكرٍ أفْضل أصحَابه، وعَلَى عُمر الَّذِي أعَزَّ الله بِهِ الدِّيْنَ واسْتَقَامَتِ الدُّنْيَا بِهِ، وَعَلَى عثمانَ شهيدِ دارِهِ ومِحْرَابِه، وعَلى عليٍّ المشهورِ بحَلِّ المُشْكِلِ من العلوم وكَشْفِ نِقابه، وَعَلَى آلِهِ وأصحابه ومنْ كان أوْلَى بِهِ، وسلَّمَ تسليماً. إخواني: قالَ الله تَعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـابَ اللَّهِ وَأَقَامُواْ الصَّلَوةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَـاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَـارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ }، [فاطر: 29، 30]. تِلاوةُ كتَابِ اللهِ عَلَى نوعين: تلاوةٌ حكميَّةٌ وهي تَصْدِيقُ أخبارِه وتَنْفيذُ أحْكَامِهِ بِفِعْلِ أوامِرِهِ واجتناب نواهيه. وسيأتي الكلام عليها في مجلس آخر إن شاء الله. والنوعُ الثاني: تلاوة لفظَّيةٌ، وهي قراءتُه. وقد جاءت النصوصُ الكثيرة في فضْلِها إما في جميع القرآنِ وإمَّا في سُورٍ أوْ آياتٍ مُعَينَةٍ منه، ففِي صحيح البخاريِّ عن عثمانَ بن عفانَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ: "خَيرُكُم مَنْ تعَلَّمَ القُرآنَ وعَلَّمَه"، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "الماهرُ بالقرآن مع السَّفرةِ الكرامِ البررة، والذي يقرأ القرآنَ ويتتعتعُ فيه وهو عليه شاقٌّ له أجرانِ". والأجرانِ أحدُهُما على التلاوةِ والثَّاني على مَشقَّتِها على القارئ. وفي الصحيحين أيضاً عن أبي موسى الأشْعَريِّ رضي الله عنه أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم قالَ: "مثلُ المؤمنِ الَّذِي يقرأ القرآنَ مَثَلُ الأتْرُجَّةِ ريحُها طيبٌ وطعمُها طيّبٌ، ومثَلُ المؤمِن الَّذِي لاَ يقرَأ القرآنَ كمثلِ التمرة لا ريحَ لها وطعمُها حلوٌ"، وفي صحيح مسلم عن أبي أمَامةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: "اقْرَؤوا القُرآنَ فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعاً لأصحابهِ". وفي صحيح مسلم أيضاً عن عقبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ: "أفلا يغْدو أحَدُكمْ إلى المسجدِ فَيَتعلَّم أو فيقْرَأ آيتينِ منْ كتاب الله عزَّ وجَلَّ خَيرٌ لَهُ مِنْ ناقتين، وثلاثٌ خيرٌ له من ثلاثٍ، وأربعٌ خير له مِنْ أربَع ومنْ أعْدادهنَّ من الإِبِلِ". وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قَالَ: "ما اجْتمَعَ قومٌ في بيتٍ مِنْ بُيوتِ اللهِ يَتْلُونَ كتابَ الله ويَتدارسونَهُ بَيْنَهُم إلاَّ نَزَلَتْ عليهمُ السكِينةُ وغَشِيْتهُمُ الرحمةُ وحفَّتهمُ الملائكةُ وَذَكَرَهُمْ الله فيِمَنْ عنده". وقال صلى الله عليه وسلّم: "تعاهَدُوا القرآنَ فوالذي نَفْسِي بيده لَهُو أشدُّ تَفلُّتاً من الإِبلِ في عُقُلِها"، متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلّم: "لا يقُلْ أحْدُكم نَسيَتُ آية كَيْتَ وكيْتَ بل هو نُسِّيَ"، رواه مسلم. وذلك أنَّ قولَه نَسيتُ قَدْ يُشْعِرُ بعدمِ المُبَالاةِ بِمَا حَفظَ من القُرْآنِ حتى نَسيَه. وعن عبدالله بن مسعودٍ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: "من قَرأ حرفاً من كتاب الله فَلَهُ به حَسَنَةٌ، والحسنَةُ بعشْر أمْثالها، لا أقُول الم حرفٌ ولكن ألفٌ حرفٌ ولاَمٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ"، رواه الترمذي. وعنه رضي الله عنه أيضاً أنَّه قالَ: "إنَّ هذا القرآنَ مأدُبةُ اللهِ فاقبلوا مأدُبَتَه ما استطعتمُ، إنَّ هذا القرآن حبلُ اللهِ المتينُ والنورُ المبينُ، والشفاءُ النافعُ، عصمة لِمَنْ تمسَّكَ بِهِ ونجاةٌ لِمَنْ اتَّبعَهُ، لا يزيغُ فَيُستَعْتَب، ولا يعوَجُّ فيقوَّمُ، ولا تنقضي عجائبه، ولا يَخْلَقُ من كثرةِ التَّرْدَادَ، اتلُوه فإنَّ الله يَأجُرُكُم على تلاوتِهِ كلَّ حرفٍ عشْرَ حسناتٍ. أمَا إني لا أقولُ الم حرفٌ ولكِنْ ألِفٌ حرفٌ ولاَمٌ حرفٌ وميم حرفٌ" رواه الحاكِم. إخواني: هذه فضائِل قِراءةِ القُرآنِ، وهذا أجْرُه لمن احتسب الأجرَ مِنَ الله والرِّضوان، أجورٌ كبيرةٌ لأعمالٍ يسيرةٍ، فالمَغْبونُ منْ فرَّط فيه، والخاسرُ مَنْ فاتَه الرِبْحُ حين لا يمكنُ تَلافِيه، وهذه الفضائلُ شاملةٌ لجميع القرآنِ. وَقَدْ وردت السُّنَّةُ بفضائل سُورٍ معينةٍ مخصصةٍ فمن تلك السور سورةُ الفاتحة. ففي صحيح البخاري عن أبي سَعيدِ بن المُعلَّى رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال له: "لأعُلِّمنَّك أعْظَم سورةٍ في القرآن: {الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَـلَمِينَ }، هي السَّبعُ المَثَانِي والقرآنُ العظيمُ الذي أوتيْتُه"، ومن أجل فضيلتِها كانت قراءتُها ركْناً في الصلاةِ لا تصحُّ الصلاةُ إلاَّ بها، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: "لا صلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحةِ الكتاب"، متفق عليه. وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم: "مَنْ صلَّى صلاةً لمْ يقرأ فيها بفاتحةِ الكتاب فهي خِدَاجٌ يقولها ثلاثاً"، فقيل لأبي هريرة إنا نكون وراءَ الإِمام فقال اقْرأَ بِها في نَفْسكَ. الحديث، رواه مسلم. ومن السور المعيَّنَة سورةُ البقرة وآل عمران قال النبي صلى الله عليه وسلّم: "اقرؤوا الزهراوين البقرةُ وآل عمران فإنهما يأتيان يومَ القيامةِ كأنَّهُمَا غَمامتان أو غَيَايتان أو كأنهما فِرْقَانِ مِنْ طيرٍ صوافَّ تُحاجَّانِ عن أصحابهما اقرؤوا سُورَة البقرةِ فإنَّ أخْذَها بَرَكةٌ وتَرْكَها حسرةٌ لا يستطيعها البَطَلَةُ" يعني السحرة، رواه مسلم. وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: "إنَّ البيتَ الَّذِي تُقرأُ فيه سورة البقرةِ لا يَدْخله الشَّيطانُ"، رواه مسلم. وَذَلِكَ لأنَّ فيها آية الكرسيِّ. وقد صحَّ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلّم أن من قرأها في لَيْلَةٍ لم يَزَلْ عليه مِنَ الله حافظٌ ولا يَقربُه شيطانٌ حتى يُصْبحَ. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ جبْريلَ قالَ وهُو عِنْدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم: هذا بابٌ قد فُتِحَ من السَّماءِ ما فُتحَ قَطُّ، قال: فنزلَ منْه مَلكٌ فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فقال: "أبْشرْ بنورَيْن قد أوتيتهما لم يؤتهُمَا نبيُّ قَبْلَك فاتِحةُ الكتابِ وخواتيمُ سورةِ البقرةِ لن تقْرَأ بحرفٍ منهما إلاَّ أوتِيتَهُ"، رواه مسلم. ومن السُّورِ المعينةِ في الفضيلةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }،[الإِخلاص: 1]، ففي صحيح البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قالَ فيها: "والَّذِي نفْسي بيده إنَّها تعدلُ ثُلُثَ القرآنِ"، وليس معنى كونِها تعدلُه في الفضيلـةِ أنَّها تُجْزِأ عنه. لذَلِكَ لو قَرَأهَا في الصلاةِ ثلاثَ مراتٍ لم تُجْزئه عن الفاتحةِ. ولا يَلْزَم من كونِ الشيءِ معادلاً لغيرهِ في الفضيلةِ أنْ يُجزأ عنه، ففي الصحيحين عن أبي أيُّوبَ الأنصارِي رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "مَنْ قالَ لا إِله إلاَّ الله وحده لا شريك له له الُملْكُ وله الحمدُ عَشْرَ مرَّاتٍ كان كمَن أعتقَ أربعةَ أنفُسٍ من ولدِ إسْماعيلَ" ومع ذلك فلو كان عليه أربعُ رقاب كفارة فقال هذا الذكر لم يجزئه عن هذه الرقاب وإن كان يعادلها في الفضيلة. ومن السُّور المعيَّنةِ في الفضيلةِ سُورتَا المُعوِّذَتَين {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ الْفَلَقِ } و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }، فعن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: "ألمْ تَر آيَاتٍ أُنْزِلَت الليلةَ لمْ يُرَ مثْلُهُنَّ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ بِرَبِّ الْفَلَقِ } و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }"، رواه مسلم. وللنَّسائي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم أمرَ عُقبَةَ أنْ يقرأ بهما ثم قال النبي صلى الله عليه وسلّم: "ما سَأَلَ سائِل بمثلهما ولا اسْتَعَاذَ مُسْتِعيذٌ بمثلهما". فاجْتهدوا إخواني في كثرةِ قراءةِ القرآنِ المباركِ لا سيَّما في هذا الشهرِ الَّذِي أنْزل فيه فإنَّ لكثْرة القراءةِ فيه مزيَّةً خاصةً. كان جبريلُ يُعارضُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم القُرْآنَ في رمضانَ كلَّ سنةٍ مرّةً. فَلَمَّا كان العامُ الَّذي تُوُفِّي فيه عارضَه مرَّتين تأكيداً وتثبيتاً. وكان السَّلفُ الصالحُ رضي الله عنهم يُكثِرون من تلاوةِ القرآنِ في رمضانَ في الصلاةِ وغيرها. كان الزُّهْرِيُّ رحمه الله إذا دخلَ رمضانُ يقول إنما هو تلاوةُ القرآنِ وإطْعَامُ الطَّعامِ. وكان مالكٌ رحمه الله إذا دخلَ رمضانُ تركَ قراءةَ الحديثِ وَمَجَالسَ العلمِ وأقبَل على قراءةِ القرآنِ من المصْحف. وكان قتادةُ رحمه الله يخْتِم القرآنَ في كلِّ سبعِ ليالٍ دائماً وفي رمضانَ في كلِّ ثلاثٍ وفي العشْرِ الأخير منه في كلِّ ليلةٍ. وكان إبراهيمُ النَخعِيُّ رحمه الله يختم القرآن في رمضان في كلِّ ثلاثِ ليالٍ وفي العشر الأواخِرِ في كلِّ ليلتينِ. وكان الأسْودُ رحمه الله يقرأ القرآنَ كلَّه في ليلتين في جميع الشَّهر. فاقْتدُوا رحمَكُمُ الله بهؤلاء الأخْيار، واتَّبعوا طريقهم تلحقوا بالْبرَرَةِ الأطهار، واغْتَنموا ساعات اللَّيلِ والنهار، بما يُقرِّبُكمْ إلى العزيز الغَفَّار، فإنَّ الأعمارَ تُطوى سريعاً، والأوقاتَ تمْضِي جميعاً وكأنها ساعة من نَهار...
(من كتاب مجالس شهر رمضان لفضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-)
الجنس : عدد المشاركات : 93تاريخ التسجيل : 29/10/2011الاقامه : مصرالساعه الأن :
موضوع: رد: ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا ) / بقلم راويه الأحد يوليو 29, 2012 5:07 am
ثالثا: سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ : إنَّ الله اختصّ رمضانَ فجعله زمنَ إنزال القرآن: (شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـٰتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ)، [البقرة:185]، أجل إنّه هدىً للناس، إن الهداية للحق إنما هي في القرآن الذي أنزله الله على عبده ورسوله محمّد، يهديك لكلّ خير، ويدعوك لكلّ فضيلة، ويأخذ بيدك لكلّ خير، وينأى بك عن كلّ سوء. تقرأ وأنت تقرأ آياتِ تحريم الربا: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِىَ مِنَ ٱلرّبَوٰاْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِين)، [البقرة:278]، فتقف: هل أنت معاملٌ بالربا أم أنت بعيد كلَّ البعد عنه؟ تقرأ: (أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ)، [الأعراف:44]، ولعنة الله الكاذبين، فتتأمل في نفسك، هل أنت منهم أم أنت بريء من ذلك؟ تقرأ أيضًا آياتِ الأحكام الشرعية، من الحلال والحرام، فإنَّك إذا تأمّلت وتدبَّرت كنتَ من التالين له حقّا: (ٱلَّذِينَ آتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ)، [البقرة:121]. وإنّ لرمضان خصوصيةً في تلاوة القرآن، فأكثِر ـ أخي الصائم ـ من قراءة القرآن، اتل القرآن، واجعل لك نصيبًا في هذا الشهر في تلاوة كتاب الله العزيز، اقرأه وتدبّر وتعقّل، فسترى الخيرَ الكثير والثوابَ العظيم في الدنيا والآخرة... أيها المسلم، لقد جاء في السنة الترغيبُ في تلاوة القرآن، ففي حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي قال:"من قرأ حرفًا من القرآن كان له بكلّ حرف حسنة، الحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"، وبين الفرق بين البيت الذي يُتلى فيه القرآن والبيت الهاجر لتلاوة القرآن، فقال:"مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه كمثل الحي والميت"، وأخبر أن القرآنَ يأتي شفيعًا لأصحابه فيقول :"اقرؤوا القرآن فإنه يجيء يومَ القيامة شفيعًا [لأصحابه]"، وأخبر أن القرآنَ شافعٌ مشفَّع وماحِل مصدَّق، من جعله أمامَه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار. يا صاحبَ القرآن أبشرْ فإنَّ هذا القرآنَ سيكون بين يديك يوم القيامة، يُحاجّ عنك في ذلك الموقف، يقول :"يُؤتَى يوم القيامة بالقرآن وبأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا، تقدمهم سورة البقرة وآل عمران، يحاجَّان عن صاحبهما"، و"يوم القيامة يقول القرآن: يا ربّ حلِّه، فيُلبَس تاجَ الوقار، فيقول: يا ربِّ زدْه، فيُحلَّى بحلية الكرامة، فيقول: ربِّ زِده، ربِّ ارضَ عنه، فيرضى الله عنه". فاقرؤوا القرآن، واغتنموا قراءته في رمضان وغيره، ولكن ليكنْ لكم في رمضان نصيبٌ وافر من تلاوته، فعسى الله أن ينير به القلوب، ويشرح به الصدور، ويرزق الجميع العملَ به والقيامَ بحقه، إنه على كل شيء قدير. وكان نبينا يعرض القرآنَ على جبريل في رمضان، فيدارس جبريل النبي ، يعرضه عليه كلَّ رمضان مرة، وفي آخر رمضان من حياة النبي عرض القرآنَ على جبريل مرتين، فصلوات الله وسلامه عليه وأبدًا دائمًا إلى يوم الدين.
(من خطبة لسماحة المفتي بعنوان: " قراءة القران")
رابعا: معالي فضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان : الحمد لله ذي الفضل والإحسان، أنعم علينا بنعم لا تحصى وأجلها نعمة القرآن، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم على طريق الإيمان وسلم تسليما كثيرا، أما بعد: عباد الله ـ اتقوا الله تعالى ـ واشكروه على ما من به عليكم من نعمة الايمان، وخصكم به من إنزال القرآن، فهو القرآن العظيم، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، هو كلام الله الذي لا يشبهه كلام، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، تكفل الله بحفظه فلا يتطرق إليه نقص ولا زيادة، مكتوب في اللوح المحفوظ وفي المصاحف، محفوظ في الصدور، متلو بالألسن، ميسر للتعلم والتدبر: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}، [القمر 17]، يستطيع حفظه واستظهاره الصغار والأعاجم، لا تكل الألسن من تلاوته ولا تمل الأسماع من حلاوته ولذته، لا تشبع العلماء من تدبره والتفقه في معانيه، ولا يستطيع الإنس والجن أن يأتوا بمثل أقصر سورة منه، لأنه المعجزة الخالدة، والحجة الباقية، أمر الله بتلاوته وتدبره وجعله مباركا، فقال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب}. وقال صلى الله عليه وسلم: "من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح [أخرجه الترمذي رقم 2910، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه]، وقد جعل الله ميزة وفضيلة لحملة القرآن العاملين به على غيرهم من الناس، قال صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" ، [أخرجه البخاري رقم 5027]، وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لاريح لها وطعمها طيب حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر"، [أخرجه البخاري رقم 5427 ومسلم رقم 797]. ففي هذه النصوص حث على تعلم القرآن أولا، ثم تلاوته وتدبره ثانيا، ثم العمل به ثالثا، وقد انقسم الناس مع القرآن إلى أقسام: فمنهم من يتلوه حق تلاوته ويهتم بدراسته علما وعملا، وهؤلاء هم السعداء، الذين هم أهل القرآن حقيقة، ومنهم من أعرض عنه فلم يتعلمه ولم يلتفت إليه، وهؤلاء قد توعدهم الله بأشد الوعيد، فقال تعالى: {ومن يعشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين}، [الزخرف 36]، وقال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}، [طه 124 ـ 126]، ومن الناس من تعلم القرآن ولكنه أهمل تلاوته، وهذا هجران للقرآن حرمان للنفس من الأجر العظيم في تلاوته وسبب لنسيانه وقد يدخل في قوله تعالى: {ومن أعرض عن ذكري}، [طه 124]، فإن الإعراض عن تلاوة القرآن وتعريضه للنسيان خسارة كبيرة، وسبب لتسلط الشيطان على العبد، وسبب لقسوة القلب، ومن الناس من يتلو القرآن مجرد تلاوة من غير تدبر ولا اعتبار، وهذا لا يستفيد من تلاوته فائدة كبيرة، وقد ذم الله من اقتصر على التلاوة من غير تفهم فقال سبحانه في اليهود: {ومنهم أميون لا يعلون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون}، [البقرة 78]، أي يتلونه تلاوة مجردة عن الفهم، فيجب على المسلم عند تلاوته للقرآن أن يحضر قلبه لتفهمه على قدر استطاعته، ولا يكتفي بمجرد سرده وختمه من غير تفهم وتأثر، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
(من كتاب إتحاف أهل الإيمان ، لفضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان)
ثانياً: وعن زيد بن خالد الجهني قال و قال صلى الله عليه وسلم: "من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء"[2].
قال شيخ الإسلام: " والمراد بتفطيره أن يشبعه )[3] . أ.هـ
ثالثاًً: وفي حديث سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: "من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء"، قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء، ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها، حتى يدخل الجنة" [4].
رابعاً: وكان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويرونه من أفضل العبادات، ومن أمثلة ذلك[5]:
ما ورد عن قول بعض السلف: لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل . وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم، منهم عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - وداود الطائي ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين.
وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام، وهو صائم ويجلس يخدمهم، منهم الحسن وابن المبارك. وجاء سائل إلى الإمام أحمد فدفع اليه رغيفين كانيعدهما لفطره ثم طوى وأصبح صائماً .
واشتهى بعض الصالحين منالسلف طعاماً وكان صائماً، فوضع بين يديه عند فطوره فسمع سائلاً يقول: من يقرضالملي الوفي الغني ؟ فقال: عبده المعدم من الحسنات، فقام فأخذ الصحفة، فخرج بهاإليه وبات طاوياً .
قال أبو السوار العدوي كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، إن وجد من يأكل معه أكل و إلا أخرج طعامه إلى المسجد، فأكله مع الناس وأكل الناس معه). أ.هـ وعبادة إطعام الطعام، ينشأ عنها عبادات كثيرة منها: التودد والتحبب إلى المُطعَمين فيكون ذلك سبباً في دخول الجنة: كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا"[6]، كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك.
ومنالسنة الدعاء لمن فطر صائماً، فيقال له ما ورد عن أنس أن النبي كان إذا أفطر عندأهل بيت قال: "أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة". وأخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين ، وعلى اله وصحبه أجمعين .
فتوى لبعض العلماء في عبادة تفطير الصائمين
وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: السؤال: هناك جماعة من الجماعات العاملين في حقل الدعوة في معظم الجامعات الجزائرية يقومون بالإعلان كل يوم أحد على أنه سيكون إفطار جماعي، وهم يصومون الاثنين ثم يجتمعون في قاعة من القاعات ويفطرون معاً، فلما استفسرنا عن هذا العمل قيل لنا إنه لصالح الدعوة، ونحن نريد أن نجمع صفوف المسلمين والسؤال هو: حكم الشرع حول ذلك؛ هل هو من مُحدثات الأمور أم لا؟ فأجابت: إذا كان الأمر كما ذكر في السؤال، فلا حرج في الاجتماع المذكور والإعلان عنه . وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله، وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإِفتاء عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس عبد الله بن غديان حفظه الله عبد الرزاق عفيفي رحمه الله عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
الجنس : عدد المشاركات : 93تاريخ التسجيل : 29/10/2011الاقامه : مصرالساعه الأن :
موضوع: رد: ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا ) / بقلم راويه الأحد يوليو 29, 2012 5:14 am
عبادة تحري ليلة القدر وقيامها
قال الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)[1] ثانيا: وعن ابي هريرة " رضي الله عنه " أيضاً قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[2]. ثالثا: وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتحرى ليلة القدر ويأمر أصحابه بتحريها، وكان يوقظ أهله في ليالي العشر رجاء أن يدركوا ليلة القدر . وفي المسند عن عبادة مرفوعا : (من قامها ابتغاءها ثم وقعت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) . رابعا: وعن عائشة قالت: يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر ما أقول؟ قال: (قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) [3]. خامسا: وورد عن بعض السلف من الصحابة والتابعين والاغتسال والتطيب في ليالي العشر تحرياً لليلة القدر التي شرفها الله ورفع قدرها. فيا من أضاع عمره في لا شيء، استدرك ما فاتك في ليلة القدر، فإنها تحسب من العمر، العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها، من حُرِم خيرها فقد حُرم. وهي في العشر الأواخر من رمضان، وهي في الوتر من لياليه الآخرة، وأرجى الليالي سبع وعشرين، لما روى مسلم عن أبي بن كعب رضي الله عنه: (والله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، وهي ليلة سبع وعشرين). وكان أُبي يحلف على ذلك ويقول: (بالآية والعلامة التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع لها).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.
فتاوى وأقول العلماء في ليلة القدر
أولا: شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: 1- وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: عن ليلة القدر، وهو مُعْتَقل بالقلعة – قلعة الجبل – سنة ست وسبعمائة ؟ فأجاب: الحمد لله ليلة القدر في العَشْر الأواخر من شهر رمضان هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "هِي في العَشْر الأَوَاخِر مِن رَمَضَان"، وتكون في الوِتْر منها لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فَتُطْلَب ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين ويكون باعتبار ما بقي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لِتَاسِعَةٍ تَبْقَى، لِسَابِعَةٍ تَبْقَى لِخَامِسَةٍ تَبْقَى، لِثَالِثةٍ تَبْقَى"، فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليال الاشفاع . وتكون الاثنين وعشرين تاسعة تبقى، وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى . وهكذا فسَّره أبو سعيد الخدري في الحديث الصَّحيح وهكذا اقام النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر وإن كان الشهر تسعاً وعشرين، كان التَّاريخ بالباقي . كالتاريخ الماضي . وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحرَّاها المؤمن في العَشْر الأواخر جميعه . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "تَحَرًُّوها في العَشْر الأَوَاخِر" . وتكون في السَّبْع الأَوَاخِر أكثر . وأكثر ما تكون ليلة سَبْع وعشرين كما كان أبي بن كعب يَحْلف: أنَّها سَبْع وعشرين . فقيل له : بأي شيء علمت ذلك ؟ فقال بالآية التي أخبرنا رسول الله ؛ أخْبَرَنا أَنَّ الشَّمْس تَطْلُع صُبْحة صَبْيحَتها كالطِّشت، لا شُعَاع لها ؛ فهذه العلامة التي رَوَاها أبي بن كعب عن النَّبي صلى الله عليه وسلم من أشهر العلامات في الحديث، وقد رُوي في علاماتها : "أنَّها ليلة بلجة منيرة" وهي سَاكِنة لا قَوية الحر، ولا قوية البَرد وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنَام، أو اليقظة . فيرى أنوارها، أو يَرَى من يَقول له هذه ليلة القدر، وقد يفتح على قلبه من المُشَاهدة ما يتبين به الأمر . والله تعالى أعلم . 2- وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: عن "ليلة القدر"، و "ليلة الإسراء" بالنَّبي صلى الله عليه وسلم أَيُّهما أفضل ؟ فأجاب: بأنَّ ليلة الإسراء أفضل في حَقِّ النبي -صلى الله عليه وسلم- وليلة القدر أفضل بالنسبة إلى الأمة، فحظ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- الذي اختص به ليلة المعراج منها أكمل من حَظِّه من ليلة القَدْر؛ وحظّ الأُمَّة من لَيْلة القَدْر أَكمل من حَظِّهم من ليلة المِعراج . وإن كان لهم فيها أعظم حظ . لكن الفَضْل والشَّرف والرُّتبة العليا إنما حَصَلت فيها، لمن أسري به صلى الله عليه وسلم. 3- وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: عن عشر ذي الحجة، والعشر الأواخر من رمضان، أيُّهما أفضل ؟ فأجاب: أَيَّام عَشْر ذِي الحجة أَفْضَل من أَيَّام العشر من رمضان، والَّليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من لَيالي عشر ذي الحجة . وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء، التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم يُحْيِيها كُلّها-، وفيها ليلة خير من ألف شهر . فمن أجاب بغير هذا التَّفْصِيل، لم يُمْكنه أن يُدْلي بحجة صحيحة.
(من كتاب فتاوى رمضان)
ثانيا: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: 1- سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: كيف يكون إحياء ليلة القدر؛ أفي الصلاة أم بقراءة القرآن والسيرة النبوية والوعظ والإرشاد والاحتفال لذلك في المسجد ؟ فأجابت: أولاً: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها بالصلاة والقراءة والدعاء، فروى البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ إِذَا دَخَل العَشْر الأَوَاخِر أَحْيَا الَّليل وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَشَدَّ المِئْزَر" . ولأحمد ومسلم : "كان يَجْتَهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها" . ثانياً: حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْر إِيماناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّم مِن ذَنْبَه"، رواه الجماعة إلا ابن ماجه، وهذا الحديث يدل على مشروعية إحيائها بالقيام. ثالثاً: من أفضل الأدعية التي تقال في ليلة القدر ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم عائشة -رضي الله عنها-، فروى التِّرمذي وصَحَّحَهُ عن عائشة -رضي الله عنها- قالت، قُلت: يَا رَسُول الله، أرأيت إن علمت أي لَيْلة ليلة القَدْر ما أقول فيها ؟ قال : "قولي : اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوُّ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي" . رابعاً: أما تخصيص ليلة من رمضان بأنها ليلة القدر فهذا يحتاج إلى دليل يعينها دون غيرها، ولكن أوتار العشر الأواخر أَحْرَى من غيرها والليلة السَّابعة والعشرون هي أ حرى الليالي بليلة القدر ؛ لما جاء في ذلك من الأحاديث الدَّالة على ما ذكرنا . خامساً: وأما البدع فغير جائزة لا في رمضان ولا في غيره، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "مَنْ أَحْدَثَ فِي أمْرِنَا هّذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُو رَدُّ" ؛ وفي رواية : "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْه أَمْرُنَا فَهُو رَدُّ"، فما يفعل في بعض ليالي رمضان من الاحتفالات لا نعلم له أصْلاً، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
الجنس : عدد المشاركات : 93تاريخ التسجيل : 29/10/2011الاقامه : مصرالساعه الأن :
موضوع: رد: ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا ) / بقلم راويه الأحد يوليو 29, 2012 5:17 am
عضو الرئيس عبدالله بن قعود رحمه الله عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله.
(من كتاب فتاوى رمضان)
ثالثا: معالي فضيلة الشيخ العلامة محمد الصالح العثيمين -رحمه الله-: 1- سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين -رحمه الله-: بعض الناس يقصدون ليلة القدر فيُحيُونها بالصلاة والعبادة ولا يحيون غيرها في رمضان، فهل هذا موافق للصواب ؟ فأجاب: لا، ليس بموافق للصواب، فإن ليلة القدر تنتقل، قد تكون ليلة سبع وعشرين، وقد تكون في غير تلك الليلة كما تدل عليه الأحاديث الكثيرة في ذلك، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : "إنه ذات عام أُري ليلة القدر فكان ذلك ليلة إحدى وعشرين"، ثم إن القيام لا ينبغي أن يخصه الإنسان بالليلة التي تُرجى فيها ليلة القدر، أو لا ينبغي أن يخصه في الليلة التي يرجو أن تكون هي ليلة القدر، فالاجتهاد في العشر الأواخر كلها من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان إذا دخل العشر شد المئزر وأيقظ أهله وأحيا الليل عليه الصلاة والسلام، فالذي ينبغي للمؤمن الحازم أن يجتهد في ليالي هذه الأيام العشر كلها حتى لا يفوته الاجر 2- سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين -رحمه الله-: اعتاد بعض المسلمين وصف ليلة سبع وعشرين من رمضان بأنها ليلة القدر، فهل لهذا التحديد أصل، وهل عليه دليل ؟ فأجاب: نعم لهذا التحديد أصل وهو أن ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ليلة القدر كما جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه . ولكن القول الراجح من أقوال أهل العلم التي بلغت فوق أربعين قولاً أن ليلة القدر في العشر الأواخر ولا سيما في السبع الأواخر منها، فقد تكون ليلة سبع وعشرين، وقد تكون ليلة خمس وعشرين، وقد تكون ليلة السادس والعشرين، وقد تكون ليلة الرابع والعشرين ولذلك ينبغي للانسان أن يجتهد في كل الليالي، حتى لا يحرم من فضلها وأجرها، فقد قال الله تعالى : "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ"، [ الدخان : 3 ]، وقال عز وجل : "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَ مَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقّدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)، [ القدر : 1 – 5 ]. 3- سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين -رحمه الله-: ما هي علامات ليلة القدر ؟ فأجاب: من علامات ليلة القدر أنها ليلة هادئة وأن المؤمن يَنْشَرحُ صدره لها، ويطمئن قلبه، وينشط في فعل الخير، وأن الشَّمس في صباحها تطلع صافية ليس لها شعاع.
(من كتاب فتاوى رمضان)
رابعا: سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ: (...أخي المسلم: ثم اعلم أنَّ سلفنا الصالحَ أئمةَ العلم والهدى إذا وُفِّقوا للأعمال الصالحة، فعملوها إخلاصًا ومتابعة، فإنهم لا يأمنون على أنفسهم، لا ـ والله ـ سوءَ ظنٍّ بربّهم، حاشا وكلا، فهم على ثقةٍ من ربهم، أنَّ الله لا يضيع عملَ العاملين: (فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مّنْكُمْ مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مّن بَعْضٍ)، [آل عمران:195]، لكن يخشون أن يؤتَوا من قبَل أنفسهم، من ضعفٍ في الإخلاص، وعدم مبالاة بالعمل، ولذا قال الله في حقِّهم: (وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبّهِمْ رٰجِعُونَ)، [المؤمنون:60]، أحسَنوا العملَ، وأخلصوا في العمل، ثم خافوا على هذا العمل أن يأتيَه ما يكدِّر صفوَه، أو ينزعه والعياذ بالله، في حديث ابن مسعود: "إن أحدَكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبِق عليه الكتاب، فيعملُ بعمل أهل النّار فيدخلها، وإن أحدَكم ليعمل بعمَل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينَه إلا ذراع، فيسبقُ عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها))، فالأعمال بالخواتيم، فسلوا الله خاتمةً حميدة، سلوه التوفيقَ والهداية، سلوه الثباتَ على الحق والاستقامةَ على الطريق المستقيم. قلوبنا ـ معشر العباد ـ بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبُها كيف شاء، إذا أراد أن يقلّب قلبَ عبد قلبه: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ)، [آل عمران:8]. معشر المسلمين: هذه الجمعة الرابعة من شهر رمضان، هذه الليالي والأيام المباركة، هذه السبع البواقي من شهر رمضان، هذه الليالي يُرجى أن يكونَ في ظلِّ لياليها ليلة القدر، تلك الليلةُ التي عظَّم الله شأنَها، ورفع ذكرَها، ونوَّه بها في كتابه العزيز، تلك الليلةُ العظيمة التي جعل الله العملَ الصالحَ فيها خيرًا من العمل في ألفِ شهرٍ سواها ليس فيها ليلةُ القدر، هذه الليلةُ المباركة التي رفع الله ذكرَها وشرَّفها وعظَّمها، وجعلها ليلةَ تقديرٍ للآجال والأرزاق والأعمال، حكمةً من الربّ، وربُّك حكيم عليم؛ بيَّن الله فضلَها في موضعين من كتابه العزيز فقال جل جلاله: (إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـٰرَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مّنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مّن رَّبّكَ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ)، [الدخان:3-6]. إنها ليلةٌ مباركة، وأعظمُ بركتِها على الأمة ابتداءُ نزول هذا القرآن العظيم الذي أنزله الله في ليلة القدر في شهر رمضان: (شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ)، [البقرة:185]. إنها ليلةٌ يُعطى فيها الملائكةُ الموكَّلون بأمر العباد ما سيكون في مثلها إلى العام القادم، يعطَون عن أمِّ الكتاب ما سيكون من الأرزاق والآجال، من الأمور التي قدَّرها الله وقضاها على كمال حكمته ورحمته وعلمه وعدله، وربك حكيم عليم؛ (إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ* لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم مّن كُلّ أَمْرٍ* سَلَـٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ) [سورة القدر]. تنزَّل الملائكةُ وهم عبادٌ مكرَمون مطيعون لربهم: (لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)، [الأنبياء:27]، (يُسَبّحُونَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ)، [الأنبياء:20]، ينزِلون إلى الأرض، وإنما ينزلون بالخير والرحمة والبركة، وإمامُهم جبريل عليه السلام، وهذه الليلة ليلةُ سلامٍ لكثرة ما يُعتِق الله فيها من النار، وكثرةِ ما تنال هذه الأمةُ من بركاتِ هذه الليلة وفضائلها؛ نبينا اعتكفَ العشرَ الوسطى من رمضان، فلما أُخبر أنَّها في العشر الأخيرة اعتكف العشر الأخيرة من رمضان تحريًا والتماسًا لهذه الليلة، هي ليلة عظيمةٌ مباركة، ذاتُ شرف وفضلٍ وقيمة عظيمة، من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه، من حُرم خيرَ هذه الليلة فقد حُرم الخيرَ الكثير. أيها المسلمون، ليالي بقيَّة هذا الشهر ليالٍ مباركة، ليالٍ فيها إجابةُ الدعاء، ليالٍ فيها الخير الكثير، ليالٍ مباركة. فيا أيها المسلم، إياك أن تفوتك تلك الفضائل، ارفع أكفّ الضراعة لربِّك، فربّك حكيم عليم، وربّك غفور رحيم، مهما بلغت ذنوبُنا، مهما كثُرت أوزارنا، مهما تعدَّد خطؤنا، مهما انغمسنا فيما انغسمنا من الإجرام، إلا أن ربَّنا غفور رحيم، إلا أن ربَّنا توابٌ لمن تاب إليه، إلا أن ربَّنا من كمال جودِه وفضله يحبّ من عباده أن يتوبوا إليه، يحبّ منهم أن يُقبلوا إليه، يحبّ منهم أن يستغفِروه، يحبُّ منهم أن يعتذروا من خطئهم وزللهم، وربك أرحم الراحمين. "كتب في كتاب موضوعٍ عند العرش: إنَّ رحمتي سبقَت غضبي))، يدعوكم لأن تسألوه، فتح بابَه للسائلين، وتعرَّف بكمال جودِه للطالبين: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، [البقرة:186]، (ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأرْضِ بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا وَٱدْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ)، [الأعراف:55، 56]. سلُوا الله العفوَ والعافية، سلوا اللهَ الثباتَ على الحق، سلوا اللهَ الاستقامةَ على الأعمال الصالحة، سلوا اللهَ لآبائكم وأمهاتِكم المغفرةَ والرضوان، سلوا اللهَ لذرياتكم الصلاحَ والهداية، سلوا الله لمجتمعكم التوفيقَ والسداد، ولولاتِكم العونَ والتأييد على كل خير، سلوا اللهَ أن يحفظَ عليكم إسلامَكم، ويحفظَ عليكم نعمَه عليكم، فلا إله إلا الله، ما أعظمَ فضلَه، وما أعظمَ كرمَه، وما أعظمَ جودَه لمن قويَ إيمانه وعظم يقينه. أسأل الله أن يختم لي ولكم بخاتمة خَير، وأن يختم لنا رمضانَ بالحسنى، وأن يجعلَنا فيه من الموفَّقين للعمل الصالح، إنَّه على كل شيء قدير. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم...)
الجنس : عدد المشاركات : 93تاريخ التسجيل : 29/10/2011الاقامه : مصرالساعه الأن :
موضوع: رد: ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا ) / بقلم راويه الأحد يوليو 29, 2012 5:20 am
(من خطبة لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ بعنوان: " ليلة القدر ")
خامسا: معالي فضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان: فضل ليلة القدر والحث على الاجتهاد فيها: قال الله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) وقال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)، وهي في شهر رمضان المبارك لقوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)، وترجى في العشر الأواخر منه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) متفق عليه، فينبغي الاجتهاد في كل ليالي العشر طلبًا لهذه الليلة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه)، وأخبر تعالى أنها خير من ألف شهر وسميت ليلة القدر لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة . لقوله تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)، وهو التقدير السنوي، وهو التقدير الخاص، أما التقدير العام فهو متقدم على خلق السماوات والأرض كما صحت بذلك الأحاديث، وقيل سميت ليلة القدر لعظم قدرها وشرفها ومعنى قوله تعالى : "خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ"، أي قيامها والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر خالية منها، وطلبها في أواخر العشر آكد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اطلبوها في العشر الأواخر في ثلاث بقين أو سبعين بقين أو تسع بقين"، وليلة سبع وعشرين أرجاها لقول كثير من الصحابة إنها ليلة سبع وعشرين . منهم ابن عباس وأبي بن كعب وغيرهما - وحكمة إخفائها ليجتهد المسلمون في العبادة في جميع ليالي العشر، كما أخفيت ساعة الإجابة من يوم الجمعة ليجتهد المسلم في جميع اليوم، ويستحب للمسلم أن يكثر فيها من الدعاء، لأن الدعاء فيها مستجاب ويدعو بما ورد (عن عائشة رضي الله عنها قالت يا رسول الله: إن وافقتها فيم أدعو قال : قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) رواه أحمد وابن ماجه . فيا أيها المسلمون اجتهدوا في هذه الليلة المباركة بالصلاة والدعاء والاستغفار والأعمال الصالحة فإنها فرصة العمر، والفرص لا تدوم، فإن الله سبحانه أخبر أنها خير من ألف شهر، وألف الشهر تزيد على ثمانين عامًا، وهي عمر طويل لو قضاه الإنسان كله في طاعة الله . فليلة واحدة وهي ليلة القدر خير منه، وهذا فضل عظيم، وهذه الليلة في رمضان قطعًا وفي العشر الأخير منه آكد، وإذا اجتهد المسلم في كل ليالي رمضان فقد صادف ليلة القدر قطعًا ورجي له الحصول على خيرها ؛ فأي فضل أعظم من هذا الفضل لمن وفقه الله . فاحرصوا رحمكم الله على طلب هذه الليلة واجتهدوا بالأعمال الصالحة لتفوزوا بثوابها فالمحروم من حرم الثواب . ومن تمر عليه مواسم المغفرة ويبقى محملاً بذنوبه بسبب غفلته وإعراضه وعدم مبالاته فإنه محروم ؛ أيها العاصي تب إلى ربك واسأله المغفرة فقد فتح لك باب التوبة، ودعاك إليها وجعل لك مواسم للخير تضاعف فيها الحسنات وتمحى فيها السيئات فخذ لنفسك بأسباب النجاة ... والحمد لله رب العالمين ... وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .) .أ.هـ
(من كتاب إتحاف أهل الإيمان لفضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان)
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.
المصادر:- [1] سورة القدر، الايات :1-3 . [2] أخرجه البخاري ومسلم. [3] رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
الجنس : عدد المشاركات : 93تاريخ التسجيل : 29/10/2011الاقامه : مصرالساعه الأن :
موضوع: رد: ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا ) / بقلم راويه الأحد يوليو 29, 2012 5:24 am
عبادة الاعتكاف
الاعتكاف من العبادات التي تجمع كثيراً من الطاعات ؛ من التلاوة، والصلاة، والذكر، والدعاء، وغيرها . وقد يتصور من لم يجربه صعوبته ومشقته، وهو يسير على من يسره الله عليه، فمن تسلح بالنية الصالحة، والعزيمة الصادقة، أعانه الله . وآكد الاعتكاف في العشر الأواخر تحرياً لليلة القدر، وهو الخلوة الشرعية، فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه، فما بقي له هم سوى الله وما يرضيه عنه . وتعريف الاعتكاف : في اللغة : لزوم الشيء وحبس النفس عليه . وفي الشرع : لزوم المسجد والإقامة فيه من شخص مخصوص بنية التقرب إلى الله تعالى . قال ابن القيم -رحمه الله- مبيناً بعض الحكم من الاعتكاف ما نصه: ( لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى، متوقفاً على جمعيته على الله، ولم شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى ؛ فإن شعث القلب لا يلمه إلا الإقبال على الله تعالى، وكان فضول الطعام والشراب، وفضول مخالطة الأنام، وفضول الكلام، وفضول المنام ؛ مما يزيده شعثاً ويشتته في كل واد، ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى أو يضعفه، اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب و يستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة عن سيره إلى الله، وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصودة وروحه عكوف القلب على الله تعالى، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده، بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطرا ته فيستولي عليه بدلها ... ) .أ.هـ أولا: قوله تعالى : (أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعَاكِفِينَ) [1] . ثانيا: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً"[2] . ثالثا: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يعتكف في كل رمضان فإذا صلى الغداة دخل مكانه الذي اعتكف فيه"[3] .
رابعا: وعنها أيضا -رضي الله عنها-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده" [4] . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.
أقوال العلماء وفتاواهم في الاعتكاف
أولا: شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله-: وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عما ورد في ثَوَاب صَيام الثَّلاثة أشهر، وَمَا تَقُول فِي الاعتكاف فيها ؛ والصَّمت ؛ هَلْ هو من الأعمال الصالحات ؟ أم لا ؟ فأجاب: أما تخصيص رجب وشعبان جميعاً بالصَّوم، أو الاعتكاف فلم يَرِد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيءٌ، ولا عن أصحابه، ولا أئمة المسلمين ؛ بل قد ثبت في الصحيح : أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كان يَصُوم إلى شعبان، ولم يكن يَصُوم من السَّنة أكثر مما يَصُوم من شعبان، من أجل شهر رمضان وأما صَوْم رَجَب بخصوصه، فأحاديثه كلها ضعيفة، بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضَّعيف الذي يُروى في الفضائل، بل عامَّتها من الموضوعات المكذوبات، وأكثر ما روي في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل رجب يقول: "اللَّهُمَّ بَارِك لَنَا فِي رَجَب وشَعْبَان، وَبَلِّغْنَا رَمَضَان"، وقد روى ابن ماجه في سننه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم "أَنه نَهَى عن صَوْم رَجَب"، وفي إسناده نَظَر لكن صَحَّ أن عمر بن الخطاب كان يَضْرِب أَيْدي الناس ؛ لِيَضَعُوا أيديهم في الطعام في رَجب ويقول: لا تُشَبِّهوه برمضان ودخل أبو بكر فرأى أهله قد اشتروا كِيزاناً للماء، واستعدوا للصَّوم، فقال : مَا هذا ؟! فقالوا: رَجَب . فقال : أَتُرِيدون أن تُشَبِّهوه بِرَمَضَان ؟ وكَسَّر تلك الكِيزان، فمتى أفطر بعضاً لم يُكره صوم البعض وفي المسند وغيره : حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه أَمَر بِصَوْم الأشهر الحُرُم وهي رَجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم فهذا في صوم الأربعة جميعاً، لا من يخصص رجب وأما تخصيصها بالاعتكاف فلا أعلم فيه أَمْراً، بل كل من صام صوماً مَشْروعاً، وأراد أن يعتكف من صيامه كان ذلك جائزاً بلا ريب وإِن اعتكف بدون الصيام، ففيه قولان مشهوران، وهما روايتان عن أحمد: أحدهما: أنه لا اعتكاف إِلا بصوم، كمذهب أبي حنيفة، ومالك . والثاني: يَصِحُّ الاعتكاف، بدون الصَّوم . كمذهب الشافعي وأما الصَّمت عن الكلام مُطلقاً في الصَّوم، أو الاعتكاف، أو غيرهما فبدعة مَكْروهة، باتِّفاق أهل العلم . لكن هل ذلك مُحرَّم، أو مكروه ؟ فيه قولان في مذهبه، وغيره وفي صحيح البخاري : أنا أبا بكر الصِّديق دخل على امرأة من أحمس فوجدها مصمتة لا تتكلم، فقال لها أبو بكر : إنَّ هَذَا لا يحل ؛ إنَّ هذا من عمل الجاهلية، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس : "أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً قائماً في الشَّمس، فقال : مَنْ هَذَا ؟ فقالوا : هذا أَبُو إسرائيل، نَذَرَ أَن يَقُوم في الشَّمْس، ولا يَسْتَظِل، وَلا يَتَكَلَّم وَيَصُوم . فقال : مُرُوه فَلْيَجْلِس وَلْيَسْتَظِل وَلْيَتَكَلَّم، وَليتم صَوْمه"، فأمره صلى الله عليه وسلم مع نَذْره للصَّمت، أن يتكلَّم، كما أمره مع نّذْره للقيام أن يجلس، ومع نذره أن لا يستظل، أن يستظل وإنما أمره بأن يوفى بالصَّوم فقط، وهذا صَرِيحٌ في أن هذه الأعمال ليست من القُرَب التي يُؤْمَر بها الناذر وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ الله فَلْيُطِعه وَمَن نَذَرَ أَن يَعْصِي الله فَلا يَعْصِه"، كذلك لا يُؤْمر النَّاذر أن يفعلها، فمن فعلها على وجه التَّعبد بها والتَّقَرُّب، واتِّخاذ ذلك ديناً وطريقا إلى الله تعالى ؛ فهو ضال جاهل مخالف لأمر الله ورسوله ومعلوم أن من يَفْعل ذلك من نّذْر اعتكافاً ونحو ذلك، إنَّما يفعله تَدَيُّناً، ولا ريب أن فعله عَلَى وجه التدين حَرَام فإنه يعتقد ما ليس بقربة قربة، ويتقرّب إلى الله تعالى بما لا يحبه الله، وهذا حرام، لكن من فعل ذلك قبل بُلُوغ العلم إليه، فقد يكون معذوراً بجهله إذا لم تقم عليه الحجة، فإذا بلغه العلم فعليه التوبة وجماع الأمر في الكلام قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَ يُؤْمِن بالله واليَوم الآخِر فَلْيَقُل خَيْراً أو لِيَصْمُت ) فَقَوْل الخير، وهو الواجب، أو المُسْتَحَبّ، خير من السُّكوت عنه، وما ليس بواجب، ولا مستحب، فالسكوت عنه خير من قوله ولهذا قال بعض السلف لصاحبه : السُّكُوت عن الشَّر خّيْر من التَّكلم به فقال له الآخر : التَّكَلُّمُ بالخير خَيْر من السُّكوت عنه، وقد قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى)، [ المجادلة : 9 ]، وقال تعالى : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)، [ النساء : 114 ]، وفي السُّنَن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كُلُّ كّلام ابن آدم عَلَيْه لا لَه، إِلا أَمْراً بِمَعْرُوف، أَوْ نَهْياً عن مُنْكَر، أو ذِكْراً لله تَعَالى"، والأحاديث في فضائل الصَّمت كثيرة، وكذلك في فضائل التَّكَلُّم بالخير والصَّمت عما يَجب من الكلام حَرَام، سواء اتخذه دِيناً أو لم يتخذه كالأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنْكَر فيجب أن تُحِبّ مَا أَحَبَّه الله ورسوله، وتَبْغَض مَا يَبْغضَه الله وَرَسُوله وتُبيح مَا أَبَاحَهُ الله ورسوله، وتُحَرِّم ما حرَّمه الله ورسوله.
الجنس : عدد المشاركات : 93تاريخ التسجيل : 29/10/2011الاقامه : مصرالساعه الأن :
موضوع: رد: ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا ) / بقلم راويه الأحد يوليو 29, 2012 5:26 am
( من كتاب فتاوى رمضان)
ثانيا: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: 1- سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: إني من سكان الكويت، وكنت معتكفاً في العشر الأواخر من رمضان، وحينما علمت أنه ثبتت رؤية الهلال في السعودية وغيرها من البلدان نقضت معتكفي وذهبت على منزلي، وجامعت أهلي، وأفطرت ؛ لأنني ظننت أن ذلك اليوم من شوال، ولا يجوز الصيام فيه، فما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة علي وعلى أهلي ؟ أفتونا مأجورين مع أدلة ذلك . فأجابت: اصبت في إفطارك يوم الجمعة وفي خروجك من معتكفك لأنه يوم عيد الفطر لثبوت رؤية هلال شوال ليلة الجمعة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ .. ) الحديث، وإذا كان عدد الأيام التي صمتها من رمضان ثمانية وعشرين يوماً فصم يوماً قضاء حتى يتم به صومك تسعة وعشرين يوماً. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإِفتاء
عبد الله بن غديان حفظه الله: (عضو).
عبد الرزاق عفيفي رحمه الله: (نائب رئيس اللجنة).
عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: (الرئيس).
2- وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:هل يجوز لمن يريد الاعتكاف أن يخصص يوماً بعينه للاعتكاف ؟ فأجابت: ليس له أن يخص يوماً بعينه يعتاد الاعتكاف فيه، لكن يحرص على الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإِفتاء
عبد الله بن غديان حفظه الله: (عضو).
عبد الله بن قعود رحمه الله: (عضو).
عبد الرزاق عفيفي رحمه الله: (نائب رئيس اللجنة).
عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: (الرئيس).
3- وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: هل يجوز الاعتكاف في أي وقت دون العشر الأواخر من رمضان ؟ فأجابت: نعم يجوز الاعتكاف في أي وقت، وأَفْضَلُه ما كان في العَشْر الأَوَاخِر من رمضان ؛ اقتداءً برسول الله عليه الصلاة والسَّلام وأصحابه رضي الله عنهما وقد ثَبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف في شوال في بعض السَّنوات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإِفتاء
عبد الله بن غديان حفظه الله: (عضو).
عبد الله بن قعود رحمه الله: (عضو).
عبد الرزاق عفيفي رحمه الله: (نائب رئيس اللجنة).
عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: (الرئيس).
4- وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: هل تعتبر غرفة الحارس وغرفة لجنة الزكاة في المسجد صالحة للاعتكاف فيها ؟ علماً بأن أبواب هذه الغرف في داخل المسجد؟ فأجابت: الغرف التي داخل المسجد وأبوابها مشرعة على المسجد لها حكم المسجد، أما إن كانت خارج المسجد فليست من المسجد، وإن كانت أبوابها داخل المسجد. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
الجنس : عدد المشاركات : 93تاريخ التسجيل : 29/10/2011الاقامه : مصرالساعه الأن :
موضوع: رد: ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا ) / بقلم راويه الأحد يوليو 29, 2012 5:30 am
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإِفتاء
عبد الله بن قعود رحمه الله: (عضو).
عبد الرزاق عفيفي رحمه الله: (نائب رئيس اللجنة).
عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: (الرئيس).
5- وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: هل تعتبر غرفة الحارس وغرفة لجنة الزكاة في المسجد صالحة للاعتكاف فيها ؟ علماً بأن أبواب هذه الغرف في داخل المسجد؟ فأجابت: الغرف التي داخل المسجد وأبوابها مشرعة على المسجد لها حكم المسجد، أما إن كانت خارج المسجد فليست من المسجد، وإن كانت أبوابها داخل المسجد. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإِفتاء
عبد الله بن قعود رحمه الله: (عضو).
عبد الرزاق عفيفي رحمه الله: (نائب رئيس اللجنة).
عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: (الرئيس).
6- وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: إذا أراد شخص أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان كلها في المسجد؛ فمتى يكون بدء دخوله المسجد، ومتى يكون انتهاء اعتكافه ؟ فأجابت: روى البخاري ومسلم رحمهما الله عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إِذا أَرَادَ أن يَعْتَكف، صَلَّى الفجر، ثم دَخَلَ مُعْتَكفه"، وينتهي مدة اعتكاف عشر رمضان بغروب شمس آخر يوم منه. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإِفتاء
عبد الله بن قعود رحمه الله: (عضو).
عبد الرزاق عفيفي رحمه الله: (نائب رئيس اللجنة).
عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: (الرئيس).
( من كتاب فتاوى رمضان )
ثالثا: فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله-: . هل تكفي النية إذا شرط في اعتكافه شيئاً لا بد له منه ولم ينطق به ؟ وسئل العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: إذا شرط في اعتكافه شيئاً مما له منه بد، فهل تكفي نيته، أم لا بد من نطقه ؟ فأجاب: نيَّته كافية عن نُطْقه، كما هو الأَصل في كل العِبادات، إِلا الاشتراط في الحج، فلا بُدَّ من نُطْقِه فيه، والله أعلم.
( من كتاب فتاوى رمضان)
رابعا: فضيلة الشيخ العلامة ابن باز-رحمه الله-: سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله: ما حكم الاعتكاف في المساجد، وما معناه شرعا، وهل هو شامل للنوم مع الأكل في المساجد وإباحته أم لا ؟ فأجاب: لا ريب أن الاعتكاف في المسجد قربة من القرب، وفي رمضان أفضل من غيره، لقول الله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)، [ البقرة : 187 ]. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، وترك ذلك مرة فاعتكف في شوال والمقصود من ذلك: هو التفرغ للعبادة والخلوة بالله لذلك، وهذه هي الخلوة الشعرية وقال بعضهم في تعريف الاعتكاف: ( هُو قَطْع العَلائق عن كُلِّ الخلائق للاتِّصال بخِدْمة الخَالِق ) والمقصود من ذلك: قطع العلائق الشَّاغلة عن طاعة الله وعبادته، وهو مشروع في رمضان وغيره كما تقدم، ومع الصيام أفضل، وإن اعتكف من غير صوم فلا بأس على الصحيح من قولي العلماء لما ثبت في الصحيحين عن عمر رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، وكان ذلك قبل أن يسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أَوْف بِنَذْرِك" ومعلوم أن الليل ليس مَحَلاً للصَّوم، وإنما محله النهار، ولا بأس بالنوم والأكل في المسجد للمعتكف وغيره؛ لأحاديث وآثار وردت في ذلك ولما ثبت من حال أهل الصفة مع مراعاة الحرص على نظافة المسجد والحذر من أسباب توسيخه من فضول الطعام أو غيرها لما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عُرضَت عَلَيّ أُجُور أُمَّتي حَتَّى القّذَاة يُخْرِجها الرَّجل من المَسْجَد" رواه أبو داود والترمذي وصححه ابن خزيمة ولحديث عائشة رضي الله عنها، أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "أمر بِبِنَاء المَسَاجد في الدُّور وأن تنظّف وتطيب" رواه الخمسة إلا النسائي وسنده جيد والدُّور: هي الحارات والقبائل القاطنة في المدن وأسأل الله أن يوفقنا وغياكم للعلم النافع والعمل به، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعاً إنه سميع قريب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجنس : عدد المشاركات : 93تاريخ التسجيل : 29/10/2011الاقامه : مصرالساعه الأن :
موضوع: رد: ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا ) / بقلم راويه الأحد يوليو 29, 2012 5:31 am
( من كتاب فتاوى رمضان)
خامسا: معالي فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين -رحمه الله-: 1- سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: رجل معتكف وهو موظف، والدوام – أي نهاية العمل – في الوظائف إنما ينتهي في الخامس والعشرين من رمضان، فما حكم ذلك؟ فأجاب: لا شك أن هذا الذي اعتكف وترك ما يجب عليه من البقاء في الوظيفة، لا شك أنه مجتهد، ولكن الاجتهاد إذا لم يكن مبنياً على قواعد شرعية، فإنه اجتهاد خاطئ، قد يثاب الإنسان عليه لكونه اجتهد وأراد الحق، لكن يجب أن يكون اجتهادنا مبنياً على الكتاب والسنة فالذي ترك واجب الوظيفة وجاء يعتكف كالذي يهدم مصراً ويبني قصراً لأنه قام بشيء مستحب، ولم يقل أحد بوجوبه من المسلمين فإن العلماء مجمعون على أن الاعتكاف لا يجب إنما هو سُنَّة وأما القيام بواجب الوظيفة، فإنه داخل في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)، [ المائدة : 1 ]، وفي قوله : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً)، [ الإسراء: 34]، فهذا الرجل ترك واجباً لفعل مُسْتحب ولهذا يجب عليه أن يقطع الاعتكاف، ويهذب إلى وظيفته، إذا كان يريد السَّلامة من الإثم فإن بقي في اعتكافه، فإنه يكون قد اعتكف في زمن مستحق لغيره وقواعد الفقهاء تقتضي أن اعتكافه لا يصح في هذه الحال لأنه في زمن مغصوب أو يشبه المغصوب ولقد أحببت أن أنبه على ذلك لأجل أن يعرف الإخوة الحريصون على فعل الخير أنه لا بد من مراعاة القواعد الشرعية والأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، من أجل أن يبني اجتهاده على حق، فيعبد الله على بصيرة. 2- وسئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: هل يلتزم المعتكف مكاناً محدَّداً في المسجد، أم يجوز له التنقل في أنحائه ؟ فأجاب: يجوز للمعتكف أن يتنقل في أنحاء المسجد من كل جهة، لعموم قوله تعالى : (وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)، [ البقرة : 187 ]، " فِي " : للظرفية، فتشمل ما لو شغل الإنسان جميع الظرف. 3- وسئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: نود أن نعرف ما الذي يُستحب للاعتكاف، وما الذي يُكره له ؟ فأجاب: الذي يُستحب في الاعتكاف أن يشتغل الإنسان بطاعة الله عز وجل، من تلاوة القرآن والذكر والصلوات وغير ذلك، وأن لا يُضَيِّع وقته فيما لا فائدة فيه، كما يفعله بعض المعتكفين، تجده يبقى في المسجد يأتيه الناس في كل وقت يتحدثون إليه، ويُقطِّع اعتكافه بلا فائدة؛ وأما التحدُّث أحياناً مع بعض الناس أو بعض الأهل فلا بأس به، لما ثبت في الصحيحين من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كانت صفية رضي الله عنها تأتي إليه فتتحدث عنده ساعة ثم تنقلب إلى بيتها. 4- وسئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: نود أن نعرف ما الذي يُباح للمعتكف؟ فأجاب: المعتكف كما أسلفنا يلتزم المسجد للتفرُّغ لطاعة الله عز وجل وعبادته، فينبغي أن يكون أكثر همّه اشتغاله بالقربات من الذكر وقراءة القرآن وغير ذلك، ولكن المُعتكف أفعاله تنقسم إلى أقسام : قسمٌ مباحٌ، وقسمٌ مشروعٌ ومُستحبُّ، وقسمٌ ممنوعٌ: فأما المشروع: فهو أن يشتغل بطاعة الله سبحانه وتعالى وعبادته والتقرب إليه ؛ لأن هذا هو لُبُّ الاعتكاف والمقصود منه، ولهذا قُيِّد في المساجد.
وقسمُ آخر هو القسم الممنوع: هو ما ينافي الاعتكاف، مثل أن يخرج الإِنسان من المسجد بلا عذر، أو يبيع ويشتري، أو يُجامع زوجته، أو ما أشبه ذلك من الأفعال التي تُبْطل الاعتكاف لمنافاتها لمقصوده. وقسمُ ثالث: جائز مباح: كالتحدُّث على الناس، والسؤال عن أحوالهم وغير ذلك مما أباح الله تعالى للمعتكف، ومنه: خروجه لما لابد له منه كخروجه لإحضار الأكل والشرب، إذا لم يكن له من يُحضرهما وخروجه لقضاء الحاجة من بول وغائط، وكذلك خروجه لأمر مشروع واجب؛ بل هذا واجب عليه، كما لو خرج ليغتسل من الجنابة، وأما خروجه لأمرٍ مشروع غير واجب، فإن اشترطه فلا بأس، وإن لم يشترطه فلا يخرج، وذلك كعيادة المريض، وتشييع الجنازة، وما أشبههما، فله أن يخرج لهذا إن اشترطه، وإن لم يشترطه فليس له أن يخرج، ولكن إذا مات له قريب أو صديق وخاف إن لم يخرج أن يكون هناك قطيعة أو مفسدة فإنه يخرج ولو بطل اعتكافه ؛ لأن الاعتكاف مستحبُّ لا يلزمه المضي فيه. 5- وسئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: هل للمعتكف في الحرم أن يخرج للأكل أو الشرب وهل يجوز له الصعود إلى سطح المسجد لسماع الدروس ؟ فأجاب: نعم، يجوز للمعتكف في المسجد الحرام أو غيره أن يخرج للأكل والشرب، إن لم يكن في إمكانه أن يحضرهما إلى المسجد ؛ لأن هذا أمر لا بد منه، كما أنه سوف يخرج لقضاء الحاجة، وسوف يخرج للاغتسال من جنابة إذا كانت عليه الجنابة . وأما الصعود إلى سطح المسجد فهو أيضاً لا يضر لأن الخروج من باب المسجد الأسفل إلى السطح ما هي إلا خطوات قليلة ويقصد بها الرجوع إلى المسجد أيضاً، فليس في هذا بأس. 6- وسئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: هل يجوز للمعتكف الاتصال بالتِّليفون لقضاء حوائج المسلمين ؟ فأجاب: نعم، يجوز للمعتكف أن يتَّصل بالتِّليفون لقضاء بعض حوائج المسلمين، إذا كان التِّليفون في المَسْجد الذي هو مُعْتكف فيه ؛ لأنه لم يخرج من المسجد أما إذا كان خارج المسجد فلا يخرج لذلك، وقضاء حوائج المسلمين إذا كان هذا الرَّجل معنياً بها فلا يعتكف لأن قضاء حوائج المسلمين أهم من الاعتكاف لأن نَفْعَها مُتَعَدٍّ، والنَّفع المُتَعَدِّي أفضل من النَّفع القَاصِر، غلا إذا كان النَّفع القاصر من مُهِمَّات الإسلام وواجباته. 7- وسئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: هل يجوز لمن كان متطوعاً للإِمامة في أَحَد المَسَاجد أن يخرج من مُعْتكفه في الحرم للصلاة بالناس ؟ فأجاب: المعتكف الذي يُصَلِّي في المسجد صلاة التَّراويح تَطَوُّعاً منه لا يخرج من معتكفه، لأنه غير مُلْزم بهذا المسجد، وأهل المسجد يُدَبِّرُون لهم إماماً أما إذا كان الإِنسان رَسْميّاً في هذا المسجد فإنه لا يجوز له أن يعتكف ويدع المسجد الذي تَعَهَّدَ به أمام الحكومة. 8- وسئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة؟ وما الدليل ؟ فأجاب: نعم، يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثَّلاثة – المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى ودليل ذلك: عموم قوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)، [ البقرة : 187 ]. فإن هذه الآية خطاب لجميع المسلمين، ولو قلنا إن المراد بها المساجد الثلاثة، لكان أكثر المسلمين لا يُخَاطَبُون بهذه الآية ؛ لأن أكثر المُسْلِمين خارج مكة والمدينة والقدس وعلى هذا فنقول إن الاعتكاف جائز في جميع المساجد، وإذا صَحَّ الحديث بأنه: "لا اعْتِكَافَ إِلا في المَسَاجِدِ الثَّلاثَة"، فالمراد أنه الاعتكاف الأكمل والأفضل، ولا شك أن الاعتكاف في المساجد الثلاثة أفضل من غيره، كما أن الصَّلاة في المساجد الثَّلاثة أفضل من غيرها فالصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في المسجد النبوي خير من ألف صلاة فيما عَداه إلا المسجد الحرام، والصلاة في المسجد الأقصى بِخُمْسمائة صلاة هذا – أي الأجر – فيما يفعله الإِنسان في المساجد، كصلاة الجماعة في الفريضة، وفي صلاة الكسوف، وكذلك تحيّة المسجد، وأما الرواتب والنوافل التي تفعلها غير مُقِيَّد بالمسجد فصلاتك في البيت أفضل ولهذا نقول في مكة : صلاتك الرواتب في بيتك أفضل من صلاتك إياها في المسجد الحرام وكذلك الأمر بالنسبة للمدينة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو بالمدينة : "أفْضَل صَلاة المَرْء في بَيْتِه إِلا المَكْتُوبة"، وكان صلى الله عليه وسلم يصلي النوافل في بيته أما التَّراويح، فإنها من الصَّلوات التي تشرع في المساجد، لأنها تشرع فيها الجماعة. 9- وسئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: متى يخرج المعتكف من اعتكافه؟ أبعد غروب شمس ليلة العيد أم بعد فجر يوم العيد ؟ فأجاب: يخرج المُعْتَكف من اعتكافه إذا انتهى رمضان، ويَنْتَهي رمضان بغروب الشَّمس ليلة العيد، كما أنه يدخل المُعْتَكِف بغروب الشمس ليلة العِشْرين من رمضان، فإن العشر الأواخر تَبْتّدئ بغروب الشَّمس ليلة العشرين من رمضان، وتَنْتَهي بغروب الشَّمس ليلة العيد. 10-وسئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: هل الاعتكاف له زمانٌ محدد، أو يقتصر على رمضان، أم يجوز في غير رمضان ؟ فأجاب: المشروع أن يكون في رمضان فقط ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتكف في غير رمضان، إلا ما كان منه في شوَّال . ولكن لو اعتكف الإنسان في غير رمضان، لكان هذا جائزاً ؛ لأن عمر رضي الله عنه، سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني نذرت أن أعتكف ليلة أو يوماً في المسجد الحرام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أَوْفِ بنذرك" . 11-وسئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: متى يخرج المعتكف من اعتكافه؟ أبعد غروب شمس ليلة العيد أم بعد فجر يوم العيد ؟ فأجاب: يخرج المُعْتَكف من اعتكافه إذا انتهى رمضان، ويَنْتَهي رمضان بغروب الشَّمس ليلة العيد، كما أنه يدخل المُعْتَكِف بغروب الشمس ليلة العِشْرين من رمضان، فإن العشر الأواخر تَبْتّدئ بغروب الشَّمس ليلة العشرين من رمضان، وتَنْتَهي بغروب الشَّمس ليلة العيد. ( من كتاب فتاوى رمضان ) سادسا: معالي فضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان : 1- أحكام الإعتكاف : الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه،. وبعد: اعلموا أن هناك عبادة عظيمة تتعلق بالصيام وهي عبادة الاعتكاف، وقد ختم الله به آيات الصيام حيث قال سبحانه : (وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) والاعتكاف لغة : - لزوم الشيء والمكث عنده، ومنه قوله تعالى : (يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ). واصطلاحًا : لزوم المسجد لطاعة الله، ويسمى جوارًا، وهو سنة وقربة بالكتاب والسنة والإجماع، وهو من الشرائع القديمة وفيه تقرب إلى الله تعالى بالمكث في بيت من بيوته وحبس للنفس على عبادة الله، وقطع للعلائق عن الخلائق للاتصال بالخالق، وإخلاء للقلب من الشواغل عن ذكر الله، والتفرغ لعبادة الله بالتفكر والذكر وقراءة القرآن والصلاة والدعاء والتوبة والاستغفار، والاعتكاف مسنون كل وقت ولكنه في رمضان آكد لفعله عليه الصلاة والسلام ومداومته عليه . ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله )، وقد اعتكف أزواجه رضي الله عنهن معه وبعده، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : ثم اعتكف أزواجه من بعده واعتكفن معه واستترن بالأخبية، وأفضل الاعتكاف في رمضان الاعتكاف في العشرة الأواخر لأنه صلى الله عليه وسلم داوم عليه إلى وفاته لقول عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله )، ولأن العشر الأواخر أرجى لتحري ليلة القدر . والاعتكاف عمل وعبادة لا يصح إلا بشروط : الأول : - النية لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ) . الثاني : - أن يكون في مسجد لقوله تعالى : (وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)، فوصف المعتكف بكونه في المسجد، فلو صح في غيرها لم يختص تحريم المباشرة فيه . إذ هي محرمة في الاعتكاف مطلقًا، ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في مسجده وفعله خرج بيانًا للمشروع . الثالث : - أن يكون المسجد الذي اعتكف فيه تقام فيه صلاة الجماعة لما روى أبو داود عن عائشة : (ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة )، ولأن الاعتكاف في غير المسجد الذي تقام فيه الجماعة يفضي إما إلى ترك الجماعة، وإما إلى تكرر خروج المعتكف كثيرًا مع إمكان التحرز من ذلك وهو مناف للاعتكاف، ولا يجوز للمعتكف الخروج من معتكفه إلا لما لا بد له منه . قالت عائشة رضي الله عنها : السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لما لا بد منه، وكان - صلى الله عليه وسلم – ( لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان، ولا يعود مريضًا ولا يشهد جنازة إلا إن كان قد اشترط ذلك في ابتداء اعتكافه ) . ويحرم على المعتكف مباشرة زوجته لقوله تعالى : (وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)، أي ما دمتم عاكفين - ويستحب اشتغاله بذكر الله من صلاة وقراءة وذكر، واجتناب ما لا يعنيه لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )، وله أن يتحدث مع من يأتيه ما لم يكثر، ولا بأس أن يتنظف ويتطيب، وله الخروج لما لا بد له منه، ( وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان ) متفق عليه، فله أن يخرج لقضاء الحاجة والطهارة الواجبة وإحضار الطعام والشراب إذا لم يكن له من يأتي بهما، هذا هو الاعتكاف المشروع وهذه بعض أحكامه ... ).أ.هـ
( من كتاب إتحاف أهل الإيمان لفضيلة الشيخ صالح الفوزان)
2- وسئل فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان : ما هو الاعتكاف ؟ وما حكمه ؟ وهل يجوز الاعتكاف في بيتي ؟ فأجاب: الاعتكاف عبادة عظيمة، نص الله جلَّ وعلا عليها في كتابه الكريم، وفي آيات من كتابه منها: قوله تعالى لخليله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام: (وَطَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)، [ البقرة : 125 ]، ومنها قوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)، [ البقرة: 187]، وهو من سنة النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه، وقد كان عليه الصلاة والسلام يعتكف في العشرة الأوسط من رمضان طلباً لليلة القدر، ثم في آخر حياته صلى الله عليه وسلم صار يعتكف في العشر الأواخر من رمضان ؛ لما تبين له أن ليلة القدر ترجى في العشر الأواخر، واعتكف معه نساؤه عليه الصلاة والسلام فالاعتكاف عبادة عظيمة، وهو المكث في مسجد من المساجد لأجل عبادة الله وحده لا شريك له ؛ بالصلاة، وتلاوة القرآن، وذكر الله عزَّ وجلَّ، والتفرغ لذلك من أعمال الدنيا، والاشتغال بالله سبحانه وتعالى هذا هو الاعتكاف، وهو مشروع كل وقت ولكنه لا يشرع إلا في مسجد تصلَّى فيه صلاة الجماعة ؛ لقوله تعالى : (وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)، أما أن يعتكف الإِنسان في بيته، أو في مسجد مهجور ؛ لانتقال أهله من حوله، ولا يصلي فيه ؛ فهذا لا يجوز للمسلم ؛ لأنه منقطع بذلك عن صلاة الجماعة فلا يشرع الاعتكاف إلا في مسجد تصلى فيه صلاة الجماعة وبالله التوفيق.
( من كتاب فتاوى رمضان )
سابعا: فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين: 1- وسئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين : إذا نذرت أن أعتكف يوماً أو ليلة متى يبدأ وقت الاعتكاف ومتى ينتهي ؟ فأجاب: إذا نذرت أن تعتكف يوماً وَجَبَ عليك أن تدخل المُعْتَكَف قبل طُلوع الشمس ولا تخرج إلا بعد غروب الشَّمس وإذا نذرت اعتكاف ليلة فعليك أن تدخل المُعْتَكَف قبل غروب الشمس ولا تخرج إلا بعد طُلوع الشَّمس . والله أعلم. 2- وسئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين : ما حكم الاعتكاف ؟ وهل يجوز في غير المساجد ؟ فأجاب: الاعتكاف سُنَّة، وهو لا يَصِحُّ إلا في المساجد. أولاً: لأن الله – جل وعلا – قال : (وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) [ البقرة : 187 ]، وقال تعالى: (أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعَاكِفِينَ)، [ البقرة : 125 ]، والبيت هو المسجد الحرام. ثانياً: أنه إذا اعتكف في غير المسجد، فإنه يؤدي إلى تَرك الصَّلاة مع جماعة المسلمين في المَسْجد وتركها ذَنْبٌ كبير، أو يؤدي إلى أن يخرج إلى الصَّلاة في كل وقت وكثرة الخروج والتَّرَدُّد ذِهاباً وَإِياباً يُنَافِي الاعتكاف لأن الاعتكاف ملازمة المعتكف. 3- وسئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين : هنالك سنة قد تهاون فيها أكثر الناس ألا وهي سنة الاعتكاف فما توجيهكم ؟ وما شروط الاعتكاف ؟ وما يجوز وما لا يجوز ؟ وهل يجوز للمرأة أن تعتكف ؟ وأين يكون ؟ فأجاب: الاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله، وهو سنة مؤكدة في كل زمان، ويتأكد في العشر الأواخر من رمضان، كما روت عائشة رضي الله عنها : "أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِف العَشْر الأَوَاخِر مِن رَمَضَان حَتَّى تَوَفَّاه الله – عَزَّ وَجَلَّ – ثم اعتكف أزواجه من بَعْده" وروى البخاري عن أبي هريرة قال : "كان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِف في كل رَمَضَان عَشْرة أَيَّام، فَلَمَّا كان العام الذي قَبض فيه اعْتَكَف عِشْرِين يَوماً". قال ابن رجب في "اللطائف": "وإنما كَان النَّبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في هذه العشر قطعاً لأشغاله وتفريغاً لباله وتخلياً لمناجاة ربه وذكره ودعائه وكان يحتجر حجراً يتخلى فيها عن الناس.
ولهذا ذهب الإِمام أحمد إلى أن المُعْتَكِف لا يُسْتَحَبُّ له مُخَالطة الناس حتى ولا لتعليم علم وإقراء قرآن بل الأفضل له الانفراد بنفسه وهو الخلوة الشَّرعية لهذه الأمة، وإنما كان في المساجد لِئَلّا يترك به الجمعة والجماعات فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقَالبه عَلَى رَبِّه وما يقربه منه، فما بقي له همّ سوى الله وما يرضيه عنه فمعنى الاعتكاف وحقيقته : قَطْع العَلائق عن الخَلائق للاتِّصال بخدمة الخالق، وكلما قَويت المَعْرفة والمحبة له والأُنس به أورثت صاحبها الانقطاع إليه بالكُلِّية على كل حال" إهـ. ولا يصح الاعتكاف إلا بشروط : 1- النِّية : لحديث : "إنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ ...". 2- أن يكون في مسجد: لقوله تعالى : (وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)، [ البقرة : 187 ]، وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف في مسجده. 3- أن يكون ذلك المسجد مما تقام فيه صلاة الجماعة حتى لا يتكرر خروجه لكل وقت مما يُنَافي الاعتكاف. ولا يخرج المعتكف إلا لما بُدَّ لَهُ منه، ولا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة، ويحرم عليه مباشرة زوجته، ويستحب اشتغاله بالقربات واجتناب ما لا يعنيه . وله أن يتحدث مع من يَزُوره وله أن يتنظف ويتطيب ويخرج لقضاء حاجة وطهارة وأكل وشرب إذا لم يجد من يأتيه بهما. وأما المرأة فالأفضل في حَقِّها البَقَاء في بيتها والقيام بخدمة زوجها وولدها ولا يشغلها ذلك عن عبادة ربها ؛ ولأن خروجها مظنة الفتنة بها وفي انفرادها ما يعرضها للفَسَقَة وأهل الفساد ولكن إن أَمِنت هذه المفاسد وكانت كبيرة السِّن وكان المسجد قريباً من أهلها ومحارمها جاز لها الاعتكاف فيه، وعلى ذلك يحمل اعتكاف زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بعده، لقربهن من المسجد وبالجملة لا يَصِحُّ اعتكافها في مَسْجد بَيْتها وهو مُصَلاها فيه، ويَصِحُّ في كل مسجد ولو لم يكن فيه جماعة مستمرة، ويُكْره خُرُوجها وانفرادها مُحَافظَةً عَلَى نَفْسها . والله أعلم. 4- وسئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين : هل يجوز الاعتكاف بلا صوم ؟ فأجاب: الصحيح أنه يجوز الاعتكاف بلا صوم ودليل ذلك أن عمر رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنِّي نّذَرْتُ في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال صلى الله عليه وسلم : "أَوْفِ بِنّذْرِك"، والليلة ليست مَحَلاً للصوم فدل ذلك على أنه يجوز الاعتكاف بدون الصيام، ولكن يتأكد الصيام لمن اعتكف نهاراً خروجاً من الخلاف ؛ لأن بعض العلماء قال لا اعتكاف إلا بصوم ؛ ولأن الذين قالوا بجواز الاعتكاف بلا صوم قالوا إن الأفضل الاعتكاف مع الصيام.
( من كتاب فتاوى رمضان)
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.
[1] سورة البقرة : 125. [2] رواه البخاري. [3] متفق عليه. [4] متفق عليه.
عبادة الصدقة
لقد جاءت النصوصُ الكثيرة في فضْلِ عبادة الصدقة، منها: أولا: قال -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل الصدقة صدقة في رمضان"[1]. ثانيا: وروى زيد بن أسلم عن أبيه، قال سمعت عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك مالاً عندي ، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما ، قال فجئت بنصف مالي ـ قال: فقال لي رسول الله: "ما أبقيت لأهلك". قال: فقلت مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أبقيت لأهلك"، قال أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسابقك إلى شيء أبداً . وللصدقة في رمضان مزية وخصوصية فبادر إليها واحرص على أدائها بحسب حالك ولها صور كثيرة، منها : أ ـ إطعام الطعام : قال الله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا *إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا *إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا *فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا *وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا)[2]. وقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويقدمونه على كثير من العبادات. سواءً كان ذلك بإشباع جائع أو إطعام أخ صالح، فلا يشترط في المطعم الفقر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم"[3]. وقد قال بعض السلف: لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل !! وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم، منهم عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وداود الطائي، ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين . وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم، ويجلس يخدمهم ويروحهم، منهم الحسن وابن المبارك[4] . وعبادة إطعام الطعام، ينشأ عنها عبادات كثيرة منها التودد والتحبب إلى إخوانك الذين أطعمتهم، فيكون ذلك سبباً في دخول الجنة: "لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا"، كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين، واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك . ب ـ تفطير الصائمين: قال -صلى الله عليه وسلم-: "من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء"[5]. هذه بعض صور الصدقة في شهر رمضان فاغتنمها ولا تفتك
الجنس : عدد المشاركات : 93تاريخ التسجيل : 29/10/2011الاقامه : مصرالساعه الأن :
موضوع: رد: ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا ) / بقلم راويه الأحد يوليو 29, 2012 5:36 am
فتاوى بعض العلماء في عبادة الصدقة
أولا: الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله-: السؤال: ما حكم الصدقة في رمضان أيام الخميس وليلة الجمعة ؟ الجواب: الصدقة في رمضان أيام الخميس وليلة الجمعة من الأُمور المَحْبوبة وَلا زال مَشَايخنا الذين أدركنا، وكذلك مَشَايخ عنيزة وبريدة وتوابعهم مُتَّفِقُون على ذلك، ومكاتب المشايخ الكبار مثل أبا بطين وغيرهم كثيرة جدّاً، وذلك أن الصَّدقة في رمضان من أفضل الأعمال بالاتفاق، واعتاد الناس أن يجعلوا في وصاياهم " عيشًا " يطبخ ويعينون لهم يوماً فاضلاً مثل يوم الخميس وليلة الجمعة؛ لأجل أهل العوائد الذين يحضرون، أو يُرْسل لهم منه، يكون عندهم معلوماً، ولا أحد يَشُكُّ بهذا، إِلا من مدة سنتين بعض الطلبة وَقَع بخواطرهم من هذا شيء وهذا غلط منهم واضح.
" من كتاب فتاوى رمضان "
ثانيا: سماحة الشيخ العلامة ابن باز – رحمه الله - : السؤال: عندماأذهب إلى بلدي في الإجازة آخذ معي بعض المصاحف، وآخذ فرشاً للمسجد، هل هذا يعتبرصدقة جارية، وأيضاً أرجو أن تحدثوني كثيراً عن الصدقة الجارية ابتغاء مرضاة الله -سبحانه وتعالى-؟
الجواب:المصاحف والكتب العلمية وفرش المسجد من الصدقات الجارية ما دامتينتفع بها، وهكذا بناء المساجد من الصدقات الجارية، وبناء المدارس لتدريس العلمالشرعي من الصدقات الجارية، وإصلاح الطرق للمسلمين من الصدقة الجارية، وهكذا توزيعالكتب بين الناس، النافعة المفيدة من الصدقة الجارية، وهكذا إيقاف الأوقاف الشرعيةفي وجوه الخير يوقف بيتاً توقف غلته في فقراء المسلمين أو في عمارة المساجد، أو فيتوزيع الكتب المفيدة والمصاحف كله من الصدقات الجارية، فالصدقة الجارية تشمل الصدقةبالمال، وإيجاد الأوقاف الشرعية النافعة، وبناء المساجد، وجميع ما يبقى نفعهللمسلم، كله يسمى صدقة جارية تكون هذه الصدقة باقية ما دام النفع، ما دام الانتفاعحاصلاً، ما دام الفراش ينتفع به, ما دام الكتاب ينتفع به, ما دام المصحف ينتفع به, ما دام المسجد ينتفع به، وهكذا كله صدقة جارية، والمال الذي يبذل في سبيل الله منغلة الوقف من الصدقات الجارية.
(موقع فضيلة الشيخ العلامة ابن باز – رحمه الله-)
ثالثا: فضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان -حفظه الله-: 1- السؤال: ما هي منزلة الصدقة في رمضان ؟ الجواب:الصدقة في رمضان أفضل من الصدقة في غيره؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سماه شهر المواساة وكان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون بالخير من الرِّيح المُرْسَلَة. وقال عليه الصلاة والسلام: "مَنْ فَطَّر فِيه صَائِماً كَانَ كَفَّارة لِذُنُوبه وَعِتْق رَقَبَتهِ مِن النَّار وَكَانَ لَهُ من الأَجْرِ مثل أَجْرِ الصَّائم من غيْر أَن يُنْقِص من أَجْرِه شَيْئاً".
فهذا دليل على فضل الصدقة في شهر رمضان لا سيما وأنه شهر الصيام ويحصل للمحتاجين فيه جوع وعطش مع قلة ما بأيديهم، فإذا جاد عليهم المُحْسِنُون في هذا الشهر كان في ذلك إعانة لهم على طاعة الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر، إضافة إلى أن الطاعات عموماً تضاعف في الزمان الفاضل والمكان الفاضل؛ فتضاعف الأعمال لشرف الزمان، كما أن الأعمال تضاعف لشرف المكان، كما في مِسْجدي مكة والمدينة فإن الصلاة في مسجد مكة عن مئة ألف صلاة فيما سواه. والصلاة في مسجد النَّبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة عن ألف صلاة فيما سواه. وذلك لشرف المكان، وكذلك شرف الزمان تضاعف فيه الحسنات. وأعظم ذلك شهر رمضان الذي جعله الله موسماً للخيرات وفعل الطاعات ورفعة الدرجات. 2- السؤال: ما هي الأعمال الخيرية المَرْغوب فيها في شهر رمضان المبارك ؟ الجواب:الأعمال الخيرية المرغوب فيها في رمضان كثيرة، أهمها: المحافظة على أداء ما فرضه الله في رمضان وغيره من الصلاة والصيام، ثم الإِكثار بعد ذلك من النوافل؛ من تلاوة القرآن، وصلاة التراويح، والتهجد والصدقة، والاعتكاف، والإِكثار من الذكر والتسبيح والتهليل والتكبير والجلوس في المساجد للعبادة فيها، وحفظ الصَّوم عما يبطله أو يخل به من الأقوال والأعمال المحرمة والمكروهة.
(من كتاب فتاوى رمضان)
وأخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين، وعلى اله وصحبه أجمعين .
[1] أخرجه الترمذي عن أنس رضي الله عنه . [2] سورة الإنسان، الاية: 8 ـ 2 . [3] أخرجه الترمذي بسند حسن . [4] لطائف المعارف (188-189).
الجنس : عدد المشاركات : 93تاريخ التسجيل : 29/10/2011الاقامه : مصرالساعه الأن :
موضوع: رد: ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا ) / بقلم راويه الأحد يوليو 29, 2012 5:38 am
عبادة زكاة الفطر
إخواني: إن الله شرعَ لكم في ختامِ شهرِكم هذا أنْ تؤَدُّوا زكاةَ الفطر قبْلَ صلاةِ العيدِ، وسنتكلم في هذا المجلسِ عن حُكْمِها وحكمتِها وجنسِها ومقدارِها ووقتِ وجوبِها ودفعِها ومكانِها.
فأما حكمُها فإنها فريضةٌ فرضَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم على المسلمينَ، وما فرضَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلّم أوْ أمَرَ به فلَهُ حكمُ ما فرضَه الله تعالى أو أمَرَ به. قال الله تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَآ أَرْسَلْنَـاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً}، [النساء: 80]، وقال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً}، [النساء: 115]، وقال تعالى: {وَمَآ ءَاتَـاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ}، [الحشر: 7]. وهيَ فريضةٌ على الكبيرِ والصغيرِ والذكرِ والأُنثى والحرِّ والعَبْدِ من المسلمينَ. قال عبدُالله ابنُ عَمرَ رضي الله عنهما: فرض رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم زكاة الفطر من رمضانَ صاعاً من تَمْرٍ أو صاعاً من شعيرٍ على العبدِ والحرِّ والذكر والأنثى والصغيرِ والكبيرِ من المسلمين. متفق عليه. ولا تجبُ عن الحمل الذي في البطن إلاَّ أنْ يتطوعَ بها فلا بأسَ، فقدْ كانَ أميرُ المؤمنينَ عثمانُ رضي الله عنه يخرجُها عن الحمل. ويجبُ إخراجُها عن نفسِه وكذلك عمن تَلْزَمُه مَؤُونَتُه من زوجةٍ أو قريبٍ إذا لم يستطيعوا إخراجَها عن أنفسِهم. فإن استطاعوا فالأولى أن يخرجُوهَا عن أنفسِهم لأنَّهُم المخاطَبُون بها أصْلاً، ولا تَجِبُ إلاَّ على مَنْ وَجَدَها فاضلةً زائدةً عما يحتاجُه من نفقةِ يومِ العيدِ وليلتِه. فإنْ لم يجد إلاَّ أقلَّ من صاعٍ أخْرَجَه لقولِه تعالى: {فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ }، [التغابن: 16]، وقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم: «إذا أمرتُكم بأمرٍ فأتُوا منه ما استطعتم»، متفق عليه.
وأما حِكمتُها فظاهرةٌ جدّاً ففيها إحسانٌ إلى الفقراءِ وكفٌّ لهم عن السؤالِ في أيام العيدِ ليُشَاركوا الأغنياءَ في فرحِهم وسرورِهم بِه ويكونَ عيداً للجميع. وفيها الاتصافُ بخلق الكرمِ وحبِّ المواساة وفيها تطهيرُ الصائمِ مما يحصلُ في صيامِه من نقصٍ ولَغْوٍ وإثْمٍ، وفيها إظهارُ شكرِ نعمةِ الله بإتْمامِ صيامِ شهرِ رمضانَ وقيامِه وفعلِ ما تَيَسَّرَ من الأعمالِ الصالحةِ فيه. وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: فرضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم زكاةَ الفطرِ طُهرةً للصائمِ من اللغوِ والرفثِ وطعمةً للمساكين، فمن أدَّاها قبل الصلاةِ فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومن أدَّاها بعدَ الصلاةِ فهي صدقةٌ من الصدقاتِ. رواه أبو داودَ وابنُ ماجة .
وأمَّا جنسُ الواجبِ في الفطرةِ فهو طعامُ الادميين من تمرٍ أوْ بُرِّ أوْ رزٍّ أو زبيبٍ أوْ أقِطٍ أو غيرها من طعامِ بِني آدمَ، ففي الصحيحين من حديث ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: فرضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم زكاةَ الفطر من رمضانَ صاعاً من تمرٍ أوْ صاعاً من شعيرٍ. وكانَ الشَّعيرُ يومَذَاك مِنْ طعامِهم كما قال أبو سعيدٍ الخدريُّ رضي الله عنه. كنا نُخْرِجُ يومَ الفطرِ في عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم صاعاً من طعامٍ وكان طعامُنَا الشعيرَ والزبيبَ والأقِطَ والتمرَ. رواه البخاري. فلا يُجزِئُ إخراجُ طعامِ البهائمِ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فرضَها طعمةً للمساكين لا للبهائم. ولا يجزئُ إخراجُها من الثياب والفُرُش والأواني والأمتعةِ وغيرِهَا مما سوى طعام الآدميين لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فرضَها من الطعامِ فلا يُتَعَدَّى ما عيَّنَه الرسولُ صلى الله عليه وسلّم. ولايُجزِئُ إخراجُ قيمةِ الطعامِ لأنَّ ذلك خلافُ ما أَمَرَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم. وقد ثبتَ عنه صلى الله عليه وسلّم أنه قالَ: «مَنْ عَمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ»، وفي روايةٍ: «من أحْدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ»، رواه مسلم. وأصلُه في الصحيحين ومعنى رَدٌّ مردودٌ. ولأنَّ إخراجَ القيمةِ مخالف لعمل الصحابة رضي الله عنهم حيث كانوا يخرجونَها صاعاً من طعامٍ، وقد قال النَبيُّ صلى الله عليه وسلّم: «عليكم بسُنَّتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ من بعْدِي»، ولأن زكاةَ الفطرِ عبادةٌ مفروضةٌ مِن جنسٍ مُعيَّن فلا يجزئُ إخراجها من غير الجنسِ المعيَّن كما لا يُجْزئُ إخراجها في غير الوقتِ المعيَّنِ. ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عيَّنَها من أجناسٍ مختلفةٍ وأقْيامُها مختلَفةٌ غالباً. فلو كانت القيمةُ معتبرةً لكان الواجبُ صاعاً من جنسٍ وما يقابلُ قيمتَه من الأجناس الأخْرَى. ولأنَّ إخراج القيمةِ يُخْرِجُ الفطرةَ عن كَوْنِها شعيرةً ظاهرةً إلى كونها صدقةً خفيةً فإن إخراجَها صاعاً من طعامٍ يجعلُها ظاهرَةً بين المسلمينَ معلومةً للصغير والكبير يشاهدون كَيْلها وتوزِيعَها ويتعارفونها بينهم بخلاف ما لو كانت دراهم يُخْرِجها الإِنسانُ خفية بينه وبين الآخذ. وأما مقدارُ الفطرةِ فهو صاعٌ بصاعِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم الَّذِي يبلغُ وَزْنُه بالمثاقيلِ أربعَمائةٍ وثمانينَ مِثقالاً مِن الْبُرِّ الْجيِّد وبالغرامات كِيْلوَين اثنين وخْمُسَيْ عُشْر كِيْلو من البرِّ الجيِّد، وذلك لأنَّ زنَةَ المثقالِ أربعةُ غراماتٍ ورُبُعٌ فيكون مبلغُ أربعمائةٍ وثمانين مثقالاً ألْفَيْ غرام وأربعين غراماً. فإذا أراد أن يعرفَ الصاع النبويَّ فلْيزن كيلوينِ وأربعين غِراماً من البُرِّ الجيِّد ويضعها في إناءٍ بقدرِها بحيثُ تَملَّؤُه ثم يَكيلُ به.
وأما وقتُ وجوبِ الفطرةِ فهو غروبُ الشمسِ ليلةَ العيدِ، فمن كان مِنْ أهلِ الوجوبِ حينذَاك وجبتْ عليه وإلاَّ فلا. وعلى هذا فإذا مات قبلَ الغروب ولو بدقائقَ لم تجب الفطرةُ. وإن ماتَ بعدَه ولو بدقائقَ وجبَ إخراجُ فطرتِه، ولَوْ وُلِدَ شخصٌ بعدَ الغروب ولو بدقائقَ لم تجبْ فطرتُه، لكنْ يسن إخراجُها كما سبقَ وإن وُلِدَ قبل الغروبِ ولو بدقائقَ وجب إخراج الفطرةِ عنه.
وإنما كان وقتُ وجوبها غروبَ الشمس من ليلةِ العيدِ لأنَّه الوقت الذي يكونُ به الفطرُ من رمضان وهي مضافَةٌ إلى ذلك فإنه يقالُ: زكاةُ الفطرِ من رمضانَ فكانَ مناط الحكم ذلك الوقتُ. وأمَّا زمنُ دفعِها فله وقتانِ: وقتُ فضيلةٍ ووقتُ جوازٍ. فأمَّا وقتُ الفضيلةِ: فهو صباحُ العيدِ قبلَ الصلاةِ لما في صحيح البخاريِّ من حديثِ أبي سعيدٍ الخدرِيِّ رضي الله عنه قال: «كنَّا نُخْرِجُ في عهدِ النبي صلى الله عليه وسلّم يومَ الفطرِ صاعاً من طعامٍ»، وفيه أيضاً من حديثِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم أمَرَ بزكاةِ الفطر أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاةِ»، ورواه مسلم وغيره. ولذلك كان من الأفضل تأخيرُ صلاةِ العيد يومَ الفطرِ ليتسعَ الوقتُ لإِخراج الفطرةِ. وأمَّا وقتُ الجوازِ فهو قبْل العيدِ بيوم أو يومين. ففي صحيح البخارَيِّ عن نافع قال: كانَ ابنُ عمرَ يعْطِي عن الصغير والكبير حتى وإنْ كانَ يعطِي عن بَنِيَّ، وكان يُعْطِيها الَّذِين يَقْبلونَها، وكانُوا يُعْطَون قبْلَ الفطرِ بيومٍ أو يومين.
ولا يجوزُ تأخيرُها عن صلاةِ العيدِ فإنْ أخَّرها عن صلاةِ العيدِ بلا عُذرٍ لم تُقْبَلْ منه لأنه خلافُ ما أمَرَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم، وقد سبق من حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ مَنْ أدَّاها قبْلَ الصلاةِ فهي زكاةٌ مقبولةٌ ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقةٌ مِنَ الصدقاتِ أمَّا إن أخَّرها لعذرٍ فلا بأسَ، مثلُ أن يصادفَه العيدُ في الْبَرِّ ليس عنده ما يدفعُ منه أو ليسَ عنده مَنْ يدفُع إليه، أو يأتَي خبرُ ثبوتِ العيدِ مفاجِئاً بحيثُ لا يَتَمَكَّنُ مِن إخراجها قبْلَ الصلاةِ أو يكون معتمداً على شخصٍ في إخراجها فينسى أنْ يُخْرِجَهَا فلا بأسَ أن يخرجها ولو بعدَ العيدِ لأنَّه معذورٌ في ذلك. والواجبُ أنْ تصلَ إلى مستحقِّها أو وكيْلِهِ في وقتِها قبلَ الصلاةِ، فلو نَوَاها لشخصٍ ولم يصادفْه ولا وكِيْلَه وقتَ الإِخراجِ فإنه يدفعها إلى مستحق آخرَ ولا يؤخِّرُها عن وقتِهَا.
وأما مكانُ دفِعها فتدفعُ إلى فقراءِ المكانِ الَّذِي هو فيه وقت الإِخراج سواءٌ كانَ محل إقامتِهِ أو غَيرَه من بلادِ المسلمينَ لا سيَّما إن كانَ مكاناً فاضلاً كَمكَّة، والمدينةِ، أو كانَ فقراؤه أشدَّ حاجةً. فإن كان في بلدٍ ليس فيه مَنْ يدفعُ إليه أو كانَ لا يعرفُ المستحِقينَ فيه وكَّلَ من يدفعها عنه في مكانٍ فيه مستَحِقٌ. والمستحِقُون لزكاةِ الفطرِ هُمْ الفقراءُ ومَنْ عليهم ديونٌ لا يستطيعونَ وفاءَها فيُعْطَون منها بقدر حاجتِهم. ويجوزُ توزيعُ الفطرةِ على أكثرَ من فقيرٍ. ويجوزُ دفعُ عددٍ من الْفِطَر إلى مسكينٍ واحدٍ، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قَدَّر الواجبَ ولم يقدِّر مَنْ يدفعُ إليهِ، وعلى هذا لو جَمَعَ جماعةٌ فطرَهم في وعاءٍ واحدٍ بعدَ كيلها وصارُوا يدفُعون منه بلا كيلٍ ثانٍ أجْزَأهم ذلك، لكنْ ينبَغِي إخبار الفقِير بأنَّهم لا يعلمُون مقدارَ ما يدفعون إليه لئَلاَّ يَغْتَرَّ به فيدفعه عن نفسه وهو لا يدري عن كيلِه. ويجوز للفقير إذا أخَذَ الفطرةَ من شخصٍ أن يدفَعَهَا عن نفسِه أو أحدٍ من عائلتِهِ إذا كالَهَا أو أخبرَه دافعها أنَّها كاملةٌ ووَثِقَ بِقَوْلِه.
اللَّهُمَّ وفِّقْنا للقيام بطاعتِك على الوجهِ الَّذِي يرضيكَ عنَّا، وَزَكِّ نفوسَنا وأقوالَنا وأفعالَنَا وطهِّرنَا من سوءِ العقيدةِ والقولِ والعملِ إنك جوادٌ كريمٌ. وصلَّى الله وسلَّم على نبيَّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِه أجمعين.
( من كتاب مجالس شهر رمضان لابن عثيمين -رحمه الله-)
***
أقوال العلماء في عبادة زكاة الفطر
أولا: سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى. عباد الله، قد شرع لكم نبيّكم في نهايةِ شهركم هذا صدقةَ الفطر، شرع لكم زكاةَ الفطر، فرضها عليكم نبيّكم ، وما فرضه عليكم نبيّكم فهو في حكم ما فرضَ الله عليكم، فإن طاعة الرسول طاعةٌ لله: ( وَمَا ءاتَـٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ)، [الحشر:7]، ( مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ)، [النساء:80]. فرضها رسولُ الله على جميع المسلمين على اختلاف طبقاتِهم، وعلى اختلافِ أسنانهم، فرضها على الذكرِ والأنثى، فرضها على الحرِّ والعبد، فرضها على الصغير والكبير من المسلمين، فرضها على من وجد صاعًا زائدًا عن قُوتِ يومه وليلته يومَ العيد، فإن من لم يجِد شيئًا فإنَّ الله لا يكلّف نفسًا إلا وسعَها، قال عبد الله بن عمر: فرض رسول الله زكاةَ الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، على الذكر والحرّ والعبد والأنثى والصغير والكبير من المسلمين. فيؤدِّيها الإنسان عن نفسه، ويؤدِّيها عمَّن تلزمه نفقتُه من زوجة وولد وخادم، فإنَّ ذلك واجبٌ عليه، وفي الحديث الآخر: ((أدُّوا زكاة الفطر عمن تمونون)). واستحبَّ أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه إخراجَها عن الجنين، وهو من الخلفاء الراشدين وسنته يعمل بها، ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي))؛ إن لهذه الصدقة حِكمًا ومصالحَ، فهذه الصدقةُ شكرٌ لله على نعمته بإتمام الصيام والقيام، وأنْ أعاد عليك هذا العامَ وأنت في صحة وسلامة وعافية في بدنك، وهي أيضًا طُهرة للصائم عما عسى أن يكون حصل منه من لغو أو رفث، وهي أيضًا طُعمة للمساكين لكي يغنيَهم ذلك عن السؤال في يوم العيد، فيكون العيد عيدًا للجميع، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: فرض رسول الله زكاةَ الفطر طهرةً للصائم من اللغو والرفث، وطعمةً للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاةٌ مقبولة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. أيها المسلم، وجنسُ ما يُخرج منه طعام الآدميين الخاص، لأن النبي فرضها صاعًا من تمر أو صاعًا من طعام، وكان طعامُهم يومئذ ما بين التمر والشعير والأقط والزبيب، كما قال أبو سعيد رضي الله عنه: وكان طعامنا الأقط والزبيب والتمر والشعير. فهي في طعام الآدمي، وأفضلُها ما كان أنفعَ للآدميين. ولا يجوز أن يعاوض عنها بقيمتها؛ لأن هذا خلافُ ما فرضه النبي ، وخلافُ عمل الخلفاء الراشدين وأصحاب محمد والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين. والواجبُ صاعٌ من هذه الأنواع الأربعة من البرّ من الشعير من الأرز من الأقط من الزبيب، فالمقدار الواجب إخراجُه صاع، وهذا الصاع يُحتاط فيه، فالأولى أن يكون مقدار الصاع ثلاث كيلوات، أي: ثلاثة آلاف غرام، فإن هذا أكملُ وأحوط أن يخرجَ المسلم عن الصاع مقدار ثلاث كيلو، فيكون في ذلك احتياط وإبراءٌ للذمة. وهذه الصدقةُ لها وقتان: وقتُ فضيلة ووقت جواز، فالمستحبّ فيها لمن تمكَّن أن يخرجَها يومَ العيد قبل الصلاة لمن استطاع وقدر على ذلك، قال عبد الله بن عمر: أمر النبي أن تؤدَّى زكاة الفطر قبل الصلاة، وقال أبو سعيد: كنا نخرجها يومَ الفطر على عهد النبي، واستنبطها بعضُهم من كتاب الله في قوله: (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبّهِ فَصَلَّىٰ)؛ [الأعلى:14، 15]، قال: يقدِّم المسلم صدقتَه بين يدَي صلاته، فرأى أن الصدقةَ صدقةُ الفطر، وأن الصلاةَ صلاةُ العيد. ويجوز أن تخرجَها قبل العيد بيومين أو يوم، يوم الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين، وأن تختار لها النوعَ الجيد فإنَّ الله يقول: ( وَلاَ تَيَمَّمُواْ ٱلْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِأَخِذِيهِ)، [البقرة:267]، وأن تخصَّ بها الفقراء المحتاجين، وأن تصلَ إليهم قبلَ صلاة العيد، فلا يجوز التهاونُ بذلك والاستخفاف بها، وإياك أن تفرّطَ أو تهملَ فيها، أو تدفعها لمن تظنّه يوصلها إلى أهلها، والغالب [أنه] لا يستطيع، ولا ينبغي للناس التهاونُ بهذه الشعيرة، بل ينبغي إيصالُها لمستحقيها قبل صلاة العيد اتباعًا لسنة نبينا ، ولا بدَّ أن يقبضَها الفقير بيده، أو يضعَ وكيلاً عنه ليستلمَها من الغني، هذه هي السنَّة، ويُخرج الإنسان عن نفسه وعمَّن يلزمه أن ينفقَ عليه، هذه سنَّة رسول الله . أسأل الله لي ولكم قبولَ العمل، والتوفيقَ لما يحبّه ويرضاه
الجنس : عدد المشاركات : 93تاريخ التسجيل : 29/10/2011الاقامه : مصرالساعه الأن :
موضوع: رد: ياباغي الخير اقبل عبادات في رمضان ( مميز جدا ) / بقلم راويه الأحد يوليو 29, 2012 5:41 am
( من خطبة لسماحة المفتي بعنوان: " ليلة القدر وزكاة الفطر" )
ثانيا: معالي فضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان: عباد الله: لقد شَرَعَ الله لكم في ختام هذا الشهر التكبير في ليلة العيد، قال تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، [البقرة : 185]. وشرع لكم صدقة الفطر فهي واجبة على الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والحُرِّ والعَبْد، ويستحبُّ إخراجها عن الحمل في البطن، وهي من غالب قوت البلد تمراً أو براً أو شعيراً أو زبيباً أو أقطاً ومقدارها صاع عن كل شخص – أي: ما يعادل ثلاثة كيلوات تقريباً. ويُجزئُ عن هذه الخمسة كل حَبٍّ يقتات في البلد: الأرز والذرة والدخن، ولا يجوز فيها إخراجُ الدراهم ولا تجزيءُ، لأنَّ ذلك خلاف السنة، فالنبي -صلّى الله عليه وسلّم- أمرَ بإخراج الطعام وقدَّرَه بالصاع، فلا بُدَّ من التقيُّدِ بأمره -صلى الله عليه وسلم-. قال الإمام أحمد: لا يعطي القيمة، قيل له: قوم يقولون: عمر بن عبد العزيز كان يأخذ القيمة، قال: يدعون قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويقولون: قال فلان، فما دام في المسألة قول للرسول فلا قول لأحدٍ. ويخرج الإنسان صدقة الفطر عن نفسه وعمَّن يقومُ بنفقته، ومحل إخراجها هو البلد الذي وافاه تمامُ الشهر وهو فيه، ومن كان في بلده وعائلته في بلد آخر فإنه يخرج فطرتهم مع فطرته في البلد الذي هو فيه، وإن عمَّدهم يخرجون عنه وعنهم في بلدهم جاز، وإن أخْرَجَ عن نفسه في بلده وأخرجوا عن أنفسهم في بلدهم جاز. والذين يُعطون صدقةَ الفطر هم فقراء البلد الذين تحل لهم زكاة المال، سواءً كانوا من أهل البلد أو من الفقراء القادمين عليه من بلد آخر. ولا يجوز نقل صدقة الفطر إلى بلدٍ آخر بأنْ يرسلها إلى فقراءِ بلدٍ غير بلده، إلا إذا لم يوجد في بلده فقراءُ من المسلمين، فإنه يرسلها إلى أقرب بلد إليه، لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرَ بإخراجها إلى فقراء البلد الذي يفطُر فيه الصائم ليلة العيد. وقد نص على ذلك فقهاءُ المذاهب الأربعة: فقد نَصُّوا - رحمهم الله - على أنَّ على المسلم توزيعها في البلد الذي وجبت عليه فيه، فعلى هذا لا يجوز إرسالها إلى الفقراء الجهات الأخرى خارج المملكة، ومَنْ أراد أن يُسَاعِد فقراء البلدان الأخرى فليساعدهم بغير صدقة الفطر، لأنَّ صدقة الفطر عبادة مقيدة بمكان وزمان، لا يجوز إخراجها عنهما، وقد ذُكر لنا أنَّ قوماً يطلبون من الناس تقديم دراهم ليرسلوها إلى بلد آخر ليشتري بها طعام من هناك، ويوزَّع على الفقراء فيه. وهذا لا يجزئُ عن صدقة الفطر لأن وقت إخراجها ليلة العيد، بعد ثبوت الهلال إلى الخروج لصلاة العيد في البلد الذي وافاه تمام الشهر وهو فيه، والعبادات توقيفية لا يجوز التصرُّفُ فيها حسب الأهواء والآراء. ومن فاتته إخراجها قبل صلاة العيد فإنه يخرجها في بقية يوم العيد، ومن فاته إخراجُها في يوم العيد فإنه يُخرجُها بعده قضاء، ويجوز إخراجُها قبل العيد بيوم أو يومين ولا بُدَّ أن تدفع في وقت الإخراج إلى المستحقِّ أو إلى وكيله، ولا يكفي أن يجعلها أمانةٌ عند شخصٍ ليس وكيلاً للمستحق. ويجوز للفقير أن يخرج فطرته مما أعطي من الصدقات، ويجوز دفع صدقة الجماعة إلى فقير واحد، ويجوز دفع صدقة الشخص الواحد إلى جماعة من الفقراء. والحكمة في صدقة الفطر أنها طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين وشكر لله تعالى على إكمال الصيام، فأدُّوها – رحمكم الله – على الوجه المشروع طيبة بها نفوسكم من أوسط ما تطعمون أهليكم. (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، [البقرة : 267-268]. ومن الحكمة من مشروعية صدقة الفطر إغناءُ الفقراء عن السؤال في يوم العيد ليفرحوا مع المسلمين، ويتوسعوا بها، ولذلك حددت بما يكفي الفقير في هذا اليوم وهو الصاع، ومن الحكمة في تحديدها بالصاع أيضاً تيسيرها على المتصدق حتى لا تُثْقلَه، لأنَّه قد لا يكون عنده سعة من المال، وهي واجبةٌ على عمومِ المسلمين لا على الأغنياء فقط. ولعل الحكمة في جعلها طعماً ولا نقوداً أن يكون هذا أيسر للمحتاج، لأنَّه قد لا يجد في يوم العيد من بيع الطعام، ولأن في جعلها طعاماً إظهاراً لها بين الناس، لأنَّها من الشعائر الظاهرة، ولو جعلت نقوداً لكانت صدقة خفية إلى غير ذلك من الحكم. فاتقوا الله -عباد الله- واعتنوا بإخراجها. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)، [الأعلى : 14-15]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه البيان والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
(من كتاب الخطب المنبرية لمعالي الشيخ الدكتور صالح الفوزان )
موقع مؤسسة الدعوة الخيرية
المصدر : منتيديات مجالس الوفاء :: مجلس الخيمه الرمضانيه