الحالة النفسية في رمضانيه
الاكتئاب النفسي هو مرض العصر الحالي ، وتبلغ نسبة الإصابة به 7% من سكان العالم حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، واهم اعراض الاكتئاب الشعور باليأس والعزلة وتراجع الإرادة والشعور بالذنب والتفكير في الانتحار .
ـ والصوم بما يمنحه للصائم من أمل في ثواب الله يجدد الرجاء لديه في الخروج من دائرة اليأس، كما ان المشاركة مع الآخرين في الصيام والعبادات والأعمال الصالحة خلال رمضان يتضمن نهاية العزلة التي يفرضها الاكتئاب على المريض، وممارسة العبادات مثل الانتظام في ذكر الله وانتظار الصلاة بعد الصلاة في هذا الشهر تتضمن التوبة، وتقاوم مشاعر الآثم وتبعد الأذهان عن التفكير في إيذاء النفس بعد أن يشعر الشخص بقبول النفس والتفاؤل والأمل في مواجهة أعراض الاكتئاب .
ـ أما القلق فإنه سمة من سمات عصرنا الحالي، وتقدر حالات القلق المرضي بنسبة 30-40% في بعض المجتمعات، والقلق ينشأ من الانشغال بهموم الحياة وتوقع الأسوأ والخوف على المال والأبناء والصحة، وشعور الاطمئنان المصاحب لصيام رمضان، وذكر الله بصورة متزايدة خلال رمضان فيه أيضاً راحة نفسية وطمأنينة تسهم في التخلص من مشاعر القلق والتوتر .
ـ والوساوس القهرية يعاني منها عدد كبير من الناس على عكس الانطباع بأنها حالات فردية نادرة، فالنسبة التي تقدرها الإحصائيات لحالات الوسواس القهرى تصل الي 3% ، وتكون الوساوس في صورة تكرار بعض الأفعال بدافع الشك المرضي مثل وسواس النظافة الذى يتضمن تكرار الاغتسال للتخلص من وهم القذارة والتلوث، وهناك الأفكار الوسواسية حول امور دينية او جنسية او افكار سخيفة تتسلط على المرضي ولا يكون بوسعهم التخلص منها، ويسهم الصوم في تقوية ارادة هؤلاء المرضى ، واستبدال اهتمامهم بهذه الأوهام ليحل محلها الانشغال بالعبادات وممارسة طقوس الصيام والصلوات والذكر مما يعطي دفعة داخلية تساعد المريض على التغلب على تسلط الوساوس المرضية .
الصيام وقوة الإرادة :
ـ من وجهة نظر الطب النفسي فإننا ننظر الى الصوم وقدوم شهر رمضان على انه فرصة جيدة وموسم هام يساعدنا في مواجهة الكثير من المشكلات النفسية، والمثال على ذلك حالة المدخنين الذين اعتادوا على استهلاك السجائر بانتظام خلال الأيام العادية بمعدل زمني لا يزيد عن دقائق معدودة بين اشعال سيجارة بعد سيجارة حتى يتم الاحتفاظ بمستوى معين من مادة النيكوتين التي تم تصنيفها ضمن مواد الإدمان ..
ـ ان قدوم شهر الصيام والاضطرار إلى الامتناع عن التدخين على مدى ساعات النهار هو فرصة للمدخنين الراغبين في الاقلاع لاتخاذ قرار التوقف نهائياً عن التدخين ، ونلاحظ بالفعل أن نسبة نجاح الاقلاع عن التدخين في شهر رمضان اكبر من النسبة المعتادة في الأوقات الأخرى والتي لا تزيد عن 20% بمعنى أن كل 10 من المدخنين يبدؤون في الاقلاع ينجح 2 فقط منهم ويعود 8 إلى التدخين مرة أخرى .
ـ وبالنسبة للإدمان وهو إحدى المشكلات المستعصية التي تواجه الأطباء النفسيين فإن تحقيق نتيجة ايجابية في علاج هذه الحالات يمكن ان تزيد فرصته مع صيام رمضان، فالصيام تقوية للإرادة المتدنية لدى المدمنين، وقبولهم تحدي الامتناع عن الطعام والشراب خلال نهار رمضان يسهم في تقوية إرادتهم ومقاومتهم لالحاح تعاطي مواد الإدمان المختلفة .
ـ كما ان شهر رمضان يذكر الجميع بضرورة التوقف عن ممارسة الأعمال التي تتنافى مع روح الدين ويمنح فرصة للتوبة والرجوع إلى الله ، وهي فرصة كبيرة للخروج من مأزق الإدمان لمن لديه الدافع إلى ذلك ..
الصيام والحالة النفسية :
ـ القاعدة الطبية المعروفة التي تؤكد ان الوقاية أفضل وأجدى من العلاج تنطبق تماماً في حالة الأمراض النفسية، فقد ثبت لنا من خلال الملاحظة والبحث في مجال الطب النفسي ان الأشخاص الذين يتمتعون بشخصية متزنة ولديهم وازع ديني قوي، ويلتزمون بأداء العبادات وروح الدين في تعاملهم هم غالباً اقل اصابة بالاضطرابات النفسية، وهم اكثر تحسناً واستجابة للعلاج عند الاصابة بأى مرض نفسي.
ـ والغريب في ذلك ان بعض هذه الدراسات تم اجراؤها في الغرب حيث ذكرت نتائج هذه الابحاث أن الايمان القوي بالله والانتظام في العبادات لدى بعض المرضى النفسيين كان عاملاً مساعداً على سرعة شفائهم واستجابتهم للعلاج بصورة افضل من مرضى آخرين يعانون من حالات مشابهة .
ـ والأغرب من ذلك أن دراسات أجريت لمقارنة نتائج العلاج في مرضى القلب والسرطان والأمراض المزمنة افادت نتائجها بأن التحسن في المرضى الملتزمين بتعاليم الدين الذين يتمتعون بإيمان قوي بالله كان ملحوظاً بنسبة تفوق غيرهم ، وقد ذكرت هذه الأبحاث ان شعور الطمأنينة النفسية المصاحب للإيمان بالله له علاقة بقوة جهاز المناعة الداخلي الذي يقوم بدور حاسم في مقاومة الأمراض ...
كلمة أخيرة ...
أتوجه بها إليك - عزيزي القارئ - فأمامنا جميعاً فرصة ذهبية لتحقيق مكاسب كثيرة في هذا الشهر الكريم ..
فالصيام وذكر الله في نهار رمضان ، والتقرب الى الله بالعبادات في هذا الشهر من الأمور الايجابية التي تنعكس على الصحة النفسية للجميع ..
والفرصة كبيرة أمام اخواننا ممن يعانون من الاضطرابات النفسية لتدعيم تحسن حالتهم ومساعدتهم في الخروج من المعاناة النفسية ..
كما أن الفرصة الذهبية هي من نصيب إخواننا الذين هم آسرى لعادة التدخين التي تهدد صحتهم ويمكن أن تودي بحياتهم ، وللذين وقعوا في مأزق الإدمان علي المواد المخدرة ..
كل هؤلاء يمكنهم الاستفادة من هذه الفرصة في شهر رمضان.
المصدر : منتديات مجالس الوفاء :: مجلس الخيمه الرمضانيه