هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ابرئ نفسي انا صاحب الموقع ، امام الله وامام جميع الزوار والأعضاء ، على مايحصل من تعارف بين الأعضاء او زوار على مايخالف ديننا الحنيف ، والله ولي التوفيق
الجنس : عدد المشاركات : 2455تاريخ التسجيل : 23/10/2011تاريخ الميلاد : 16/03/1983 العمر : 41الاقامه : مقيم بالسعوديهالعمل : مراجع حسابات رسالة SMS :
الساعه الأن :
موضوع: بيان واحكام مناسك الحج الجمعة نوفمبر 04, 2011 4:32 pm
بيان واحكام مناسك الحج
الحمدُ لله الذي بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، وحجَّة على مَن أرسله إليهم أجمعين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأوّلين والآخرين، هو الأول فليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، وهو الظاهر فليس فوقه شيء، وهو الباطن فليس دونه شيء، وهو بكل شيءٍ عليم، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أما بعد: فيا أيها الناس، إنكم تستقبلون في هذه الأيام السفرَ إلى حج بيت الله الحرام، ترجون من الله مغفرة الذنوب والآثام، وتؤمّلون الفوز بالنعيم المقيم في دار السلام، وتؤمنون بالخلف العاجل من ذي الجلال والإكرام. إنكم تتوجّهون في أشهر حُرُم إلى أمكنة حُرُم، إلى أماكن فاضلة ومشاعر معظّمة، تؤدّون عبادة من أجَلِّ العبادات، لا يريد بها المؤمن فخرًا ولا رياءً ولا نزهةً ولا طربًا وإنما يريد بها وجه الله - عزَّ وجل - والدار الآخرة. فأدّوا هذه العبادة، أدُّوها كما أُمرتم مُخلصين لله متَّبعين لرسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - من غير غلوٍّ ولا تقصير؛ فإن دين الله بين الغالي فيه والجافي عنه. قوموا في سفركم وإقامتكم بِما أوجب الله عليكم من الطهارة والصلاة وغيرهما من شعائر الدين، إذا وجدتم الماء فتطهّروا به للصلاة، (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) [المائدة: 6]. "أدّوا الصلاة جماعة" ولا تشتغلوا بشيء؛ فإن صلاة الجماعة تفوت والشغل يمكن قضاؤه فيما بعد. "صلّوا الرباعية ركعتين من حين مغادرة بلدكم إلى أن ترجعوا إليه سواء طالت المدّة أم قصرت"؛ فإن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - "أقام في مكة عشرة أيام يقصر الصلاة وذلك في حجة الوداع، سئل أنس بن مالك - رضي الله عنه - كم أقمتم في مكة عام حجة الوداع ؟ فقال: أقمنا بها عشرًا"، أما في غزوة الفتح "فإنه أقام في مكة تسعة عشر يومًا يقصر الصلاة"، ولم يُحدّد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته أيامًا معيّنة مَنْ تجاوزها وجبَ عليه الإتمام بل إن الله تعالى أطلق في كتابه: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاةِ) [النساء: 101]، ولم يُحدّد مدّة معيّنة، والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قَدِم مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة في حجة الوداع ولم يقل للناس: مَنْ قدِم إلى مكة قبل اليوم الرابع فعليه الإتمام، وما كان الله تعالى نسيًّا بل هو عزَّ وجل يعلم ما يشرعه لعباده وهو سبحانه إذا جاء في كتابه الأمر مطلقًا وجب أخذه على إطلاقه ومَنْ قيّده فإنما يُضيّق على عباد الله إلا أن يكون هناك دليل يدل على التقييد فعلى العين والرأس. المهِمّ أنكم تصلّون قصرًا من حين أن تغادروا بلادكم إلى أن ترجعوا إليها، فصلّوا الظهر والعصر والعشاء على ركعتين ركعتين إلا أن تصلّوا خلف إمام يُتِمّ فأتموها أربعًا سواء أدركتم الصلاة تامة أم أدركتم بعضها، "اجمعوا بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو جمع تأخير، فالأفضل هو المتيسّر لكم هذا إن كنتم سائرين" أما إن كنتم نازلين فالأفضل ألا تجمعوا. صلُّوا من النوافل ما شئتم "إلا سنّة الظهر والمغرب والعشاء فالأفضل ألا تصلّوها". تخلَّقوا بالأخلاق الفاضلة من الصدق والسماحة وبشاشة الوجه وخفّة النفس والكرم بالمال والبدن والجاه وأحْسنوا إن الله يحب المحسنين، واصبروا على المشقة والأذى فإن الله مع الصابرين، "وقد قيل: إنما سُمِّي السفر سفرًا؛ لأنه يُسفر عن أخلاق الرجال" أي: يُبَيِّنها ويوضّحها، فكم من إنسان لا تعرف عنه إلا إذا سافرت معه؛ "ولهذا إذا زكَّى أحدٌ شخصًا عند أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - قال له: هل سافرت معه ؟ فإن قال: نَعَم قَبِلَ تزكيته". فإذا وصلتم الميقات "فاغتسلوا" "وطيّبوا أبدانكم الرؤوس واللحى" "والبسوا ثياب الإحرام غير مطيّبة إزارًا ورداءً أبيضين" للذكور، وأما النساء فيلبسْنَ ما شئنَ من الثياب غير متبرجات بزينة. أحْرموا من أول ميقات تَمُرّون به سواء كان ميقاتكم الأصلي أم غيره؛ لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وقَّتَ المواقيت وقال: "هنَّ لهنَّ ولِمَن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ مِمَّن يريد الحج أو العمرة"؛ وعلى هذا فأهل نَجْد إن ذهبوا من طريق الطائف فميقاتهم السَّيْل وإن ذهبوا من طريق المدينة فميقاتهم ذو الحلَيْفة. ومَنْ كان في الطائرة فلْيتأهب للإحرام قبل محاذاة الميقات ثم إذا حاذى الميقات أحرَم بدون تأخير، ومن المعلوم أن الطائرة سريعة؛ ولذلك تسير في الدقيقة الواحدة أميالاً، ومَنْ احتاط وأحرَم قبل أن يصل إلى الميقات فلا حرج، هذا إذا كان في الطائرة. أما السيارة فمن المعلوم أن الناس ينزلون في الميقات ويُحرمون منه بدون احتياط. أحْرموا بالنسك من غير تردّد ولا شرط؛ أي: لا تقولوا إن حبسني حابس فمحلّي حيث حبستني إلا أن تخافوا من عائق يمنعكم من إتمام النسك من مرض أو غيره، فقولوا عند عقد الإحرام: إن حبسني حابس فمحلّي حيث حبستني؛ لأن نبيَّنا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - لم يشترط عند إحرامه وإنما رخَّص في الاشتراط لضباعة بنت الزبير؛ لأنها كانت مريضة فقال لها: "حجِّي واشترطي أن محلّي حيث حبستني". أحْرموا بالعمرة قائلين: "لبّيك اللهم عمرة، لبّيك اللهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إن الحمد والنعمة، لك والملك لا شريك لك"، "وارفعوا أصواتكم بالتلبية؛ فإن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يصرخون بها صراخًا" إلا النساء فلا يرفعنَ أصواتهنّ؛ لأن المطلوب من النساء خفض أصواتهنّ عند الرجال؛ ولهذا إذا غلط الإمام في الصلاة ومعه نساء فإنهنّ لا يُسَبِّحْنَ وإنما يُصَفِّقْنَ. فإذا وصلتم المسجد الحرام "فطوفوا بالبيت طواف العمرة سبعة أشواط ابتداءً من الحجر الأسود وانتهاءً به"، طوفوا بجميع البيت ولا تدخلوا من بين الحِجْر والكعبة فمَنْ فعل ذلك لم يصح شوطه، "ولا تشقّوا على أنفسكم بمحاولة الوصول إلى الحجر الأسود لاستلامه أو تقبيله وأشِيروا إليه عند المشقة فإن ذلك هو السنّة"، "ولا تكلّفوا أنفسكم بمحاولة الدنوِّ من الكعبة فإن الخشوع في الطواف أفضل من القرب إلى الكعبة، وجميع المسجد مكان للطواف حتى السطح الأعلى والأوسط، أما المسعى فإنه ليس من المسجد فلا يصح الطواف به، لكن لو فُرض أنه كان هناك زحام شديد لِمَن طاف في السطح وتعذّر عليه إلا أن ينزل إلى سطح المسعى فأرجو ألا يكون في ذلك بأس، فإذا أتممتم الطواف فصلّوا ركعتين خلف مقام إبراهيم إن تيسَّر وإلا ففي أي مكان من المسجد، ثم اسعوا بين الصفا والمروة سعي العمرة سبعة أشواط: تبتدئون بالصفا وتنتهون بالمروة، ذهابكم من الصفا إلى المروة شوط ورجوعكم من المروة إلى الصفا شوط آخر"، "فإذا أتممتم السعي فقصّروا رؤوسكم من جميع الجوانب حتى يظهر أثر التقصير على الشعر" أما المرأة "فتقصّر من أطرافه بقدر أنملة؛ أي: بقدر فصلة الإصبع" "وبذلك تَمَّت العمرة فتحلّون الحلَّ كله". "فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة فأحْرموا بالحج من مكانكم الذي أنتم فيه واصنعوا عند الإحرام بالحج كما صنعتم عند الإحرام بالعمرة قولاً وفعلاً إلا أنكم تقولون: لبّيك حجًّا بدلاً قولكم: لبّيك عمرة، ثم صلّوا بِمنى ظهر اليوم الثامن والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرًا بلا جمع، تصلّون الرباعية ركعتين وتصلّون كل صلاة في وقتها اقتداءً بإمامكم محمد - صلى الله عليه وسلم - رسول الله، فإذا طلعت الشمس من اليوم التاسع فسيروا إلى عرفة وصلّوا بها الظهر والعصر قصرًا وجمعًا بالتقديم ثم اشتغلوا بذكْر الله ودعائه والتضرّع إليه، وارفعوا أيديكم حين الدعاء متضرّعين إلى الله تعالى مستقبلين القبلة، وكل عَرَفة موقف إلا بطن الوادي عُرَنَة، وانتبهوا أيها الإخوة، انتبهوا لحدود عرفة؛ فإن بعض الناس ينزل قبل أن يصل إليها ثم ينصرف من مكانه بدون وقوف فيها، ومَنْ لم يقف بعرفة في وقت الوقوف فلا حج له. فإذا غربت الشمس من اليوم التاسع فسيروا إلى مزدلفة مُلبِّين وصلّوا بها المغرب ثلاثًا والعشاء ركعتين متى وصلتم إليها إلا أن ينتصف الليل قبل وصولكم فصلّوا قبل منتصف الليل ولو في الطريق، فإذا صلّيتم الفجر فقِفوا عند المشعر الحرام أو في أي مكان من مزدلفة واذكروا الله تعالى وادعوه حتى تُسفروا جدًّا، ثم سيروا إلى منى مُلبِّين وابدؤوا بجمرة العقبة وهي: الأخيرة التي تلي مكة واقطعوا التلبية عندها ثم ارموها بسبع حصيات متعاقبات تكبِّرون مع كل حصاة، كلُّ حصاة أكبر من الحمَّص قليلاً تلتقطونها من حيث ما شئتم من مِنى أو مزدلفة أو غيرهما من أي مكان، واعلموا - أيها الإخوة - أن الحكمة من رمي هذه الجمرات: تمام التعبّد لله تعالى وإقامة ذكْره واتّباع رسوله صلى الله عليه وسلم، فارموا الجمرات معظّمين لله بقلوبكم وألسنتكم، فإذا رميتم جمرة العقبة فاذبحوا هديكم" "واحلقوا رؤوسكم" "والمرأة تقصّره" واعلموا - أيها الإخوة - أن الحلقَ أفضل من التقصير؛ فقد دعا النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - للمحلّقين، قالوا: يا رسول الله، والمقصّرين ؟ قال: "اللهم ارحم المحلّقين"، قالوا: والمقصّرين ؟ قال: "اللهم ارحم المحلّقين"، قالوا: والمقصّرين ؟ قال: "والمقصّرين" في الثالثة أو الرابعة، فلم يدعُ النبي - صلى الله عليه وسلم - للمقصّرين إلا بعد إلحاح من الصحابة في المرتبة الرابعة؛ ولهذا قدَّم الله الحلق على التقصير في قوله: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) [الفتح: 27]. لا تشحّوا على أنفسكم بشعرات الرؤوس؛ إن شعرات الرؤوس تنبت عن قريب، فاحلقوا حتى تنالوا دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لكم ثلاث مرّات. "فإذا رميتم وحلقتم أو قصّرتم حلَّ لكم كل شيءٍ من محظورات الإحرام سوى النساء فالبسوا الثياب وتطيّبوا" "ثم انزلوا إلى مكة وطوفوا بالبيت واسعوا بين الصفا والمروة وذلك للحج وبفعل هذه الأربعة: الرمي، والحلق أو التقصير، والطواف، والسعي تُحِلّون من محظورات الإحرام كلّها حتى النساء". أيها الإخوة، تَبَيَّنَ لنا أن الإنسان إذا وصل إلى مِنى بدأ بالرمي ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف ثم السعي مرتّبةً هكذا فإن قدَّمتم بعضها على بعض فلا حرج؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُسأل يوم العيد عن التقديم والتأخير، فما سُئِل عن شيءٍ قُدِّم يومئذٍ ولا أُخر إلا قال: "افعل ولا حرج"؛ وعلى هذا فمَنْ دفع مِنْ مزدلفة إلى مكة رأسًا وطاف وسعى ثم عاد إلى مِنى ورمى وأكمل نسكه فلا حرج عليه، الأمر - ولله الحمد - واسع. "ثم بيتوا بمِنى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر" "وارموا الجمرات الثلاث في اليومين بعد الزوال"، "ابدؤوا برمي الجمرة الصغرى وهي: الأولى الشرقية ارموها بسبع حصيات متعاقبات تُكبِّرون مع كل حصاة، ثم تقدّموا عن الزحام واستقبلوا القبلة وارفعوا أيديكم وادعوا الله تعالى دعاءً طويلاً، ثم ارموا الجمرة الوسطى كذلك وقِفوا بعدها للدعاء كما فعلتم بعد الأولى، ثم ارموا الجمرة الكبرى - جمرة العقبة - ولا تقفوا بعدها للدعاء اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقف بعد رمي جمرة العقبة لا في يوم العيد ولا فيما بعده". ولا ترموا في هذين اليومين الحادي عشر والثاني عشر قبل الزوال؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى بعد الزوال وقال: "خذوا عنِّي مناسككم"، ولكم تأخير الرمي إلى الليل مع الزحام والمشقّة في النهار؛ لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وقَّتَ أول الرمي دون آخره وأذِنَ للضّعفة أن يدفعوا من مزدلفة قبل الفجر ليرموا الجمرة قبل زحمة الناس. وارموا بأنفسكم ولا توكِّلوا أحدًا في الرمي عنكم؛ لأن الرمي من الحج، وقد قال الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) [البقرة: 196]؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرخِّص للضّعفة من أهله أن يوكِّلوا بل أذِنَ لهم أن يدفعوا من مزدلفة قبل الناس؛ ولأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يرخِّص للرعاة الذين يغيبون عن مِنى مع إبلهم أن يُوَكِّلوا مَن يرمي عنهم بل أذِنَ لهم أن يرموا يومًا ويدعوا يومًا إلى اليوم الثالث، "لكنْ لو كان الحاج لا يستطيع الرمي بنفسه كالمريض والكبير العاجز والمرأة الحامل التي تخشى على نفسها أو حملها أو كان الزحام شديدًا كما يكون في اليوم الثاني عشر في التعجيل فحينئذٍ يجوز أن يوكِّل" الإنسان من النساء أو الضعفاء؛ لأننا شاهدنا في اليوم الثاني عشر أنه يحصل ضرر كبير على النساء لِمّن تعجّل؛ وعلى هذا فالذي أرى أنهنّ يوكّلنَ في هذه الحال؛ لأن الله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) [البقرة: 286]، ولقول الله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج: 78]، والذي يشاهد الناس في اليوم الثاني عشر عند التعجيل يشاهدُ أمرًا لا تطيب نفسه أن يُلزم النساء بالرمي بأنفسهنّ؛ لأنه لا شكّ مشقة عظيمة ربما تتكشّف المرأة وربما يحصل لها ضرر عظيم وربما تسقط فتموت، ومَن سقطت منه حصاة وهو يرمي فله أن يأخذ حصاة من مكانه ويرمي بها حتى لو ظن أنه قد رُمي بها فلا بأس؛ لأن الحصاة حصاة سواء رُمي بها أم لم يُرمَ بها، فإذا رميتم الجمرات الثلاث يوم الثاني عشر فإن شئتم فانزلوا إلى مكة وإن شئتم فتأخروا لليوم الثالث عشر لترموا الجمرات الثلاث كما رميتموها في اليومين السابقين وهذا أفضل لقوله تعالى: (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى) [البقرة: 203]؛ ولأن هذا فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ ولأنه أكثر عملاً؛ حيث يحصل له المبيت والرمي في الثالث عشر. فإذا أتممتم أفعال الحج كلّها وأردتم السفر إلى بلادكم فلا تخرجوا من مكة حتى تطوفوا للوداع إلا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما لقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "أُمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت - يعني: الطواف - قال: إلا أنه خُفِّف عن الحائض"، واحذروا مِمَّا يفعله بعض الناس الذين يقدّمون طواف الوداع على رمي الجمرات في آخر يوم فينزلون في ضحى اليوم الثاني عشر ويطوفون للوداع ثم يرجعون إلى مِنى فيرمون الجمرات ثم يغادرون، فمَنْ فعل هكذا فإن طوافه للوداع غير صحيح؛ لأنه كان قبل تمام الحج فلم يكن في وقته. أيها الإخوة، اسمحوا لنا في هذا التطويل؛ لأنني أحببتُ أن أسوق صفة الحج والعمرة على صفة ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حسب الإمكان. أسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم في عباداتنا مُخلصين لله متَّبعين لرسول الله؛ حتى ننال محبّة الله ومغفرته، قال الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران: 31]. بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بِما فيه من الآيات والذكْر الحكيم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.