خديجة بنت خويلد
أم المؤمنين
"سيدة نساء العالمين في زمانها"
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدا لعزى القرشية الأسدية الملقبة .. بالطاهرة ..
خديجة بنت خويلد، أم المؤمنين تربت وترعرعت في بيت مجد ورياسة، نشأت على الصفات والأخلاق الحميدة، عرفت بالعفة والعقل والحزم حتى دعاها قومها في الجاهلية بالطاهرة.
خديجة خويلد.. سلسلة زوجات الرسول نسبها ونشأتها
هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى قصي بن كلاب القرشية الأسدية. أما أمها فهي فاطمة بنت زائدة بن الأصمّ ، يتصل حبل نسبها بالشجرة النبوية المباركة . ولدت سنة 68 للهجرة (556 م) .وكانت السيدة خديجة تاجرة، ذات مال تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة.
خديجة خويلد.. سلسلة زوجات الرسولزواجها ( قبل محمد خديجة خويلد.. سلسلة زوجات الرسول )
كان لخديجة مكانة رفيعة في قومها ، لصباحة وجهها ، وجمال نفسها – إضافة إلى حسبها ونسبها – فتزوجها عتيق بن عابد ، من بني مخزوم ، فولدت له هنداً بنت عتيق ، ومات عنها . فتزوجها بعده أبو هالة ، مالك بن النباشّ بن زُرارة ، الذي يتصل نسبه بعمرو بن تميم ، حليف بني عبد الدار بن قصيّ . فولدت له : هنداً بنت أبي هالة ، وهالة بنت أبي هالة ، ولم يعش أبو هالة طويلاً ، فترملت خديجة مرة ثانية ، وتفرغت للتجارة ، ولم تفكر في الزواج بعد موت أبي هالة .
خديجة خويلد.. سلسلة زوجات الرسول زواجها بمحمد ( صلى الله عليه وسلم )
وكرّت السّنون وهي مشغولة بتجارتها فقد كانت ترسل أموالها في تجارة إلى الشام فتشتري ما يروق لها من أمتعة الهند واليمن وسائر الأمصار لتبيعها بالربح الجزيل .
وسمعت بمحمد بن عبدالله ، الذي لُقب بالأمين لصدقه وأمانته ، فأرسلت إليه وعَرضت عليه أمر المتاجرة بأموالها على أن تُعطيَه ضعف ما تعطي لغيره فوافق على ذلك وخرج من بيتها راضياً مطمئناً .
وحانت ساعة الرحيل فانطلق الركب من مكة إلى الشام وكان الجو حاراً ولكن شيئاً شَدَهَ المرافقين للأمين وحيّرهم أثناء سيرهم ، ذلك أن غمامة كانت تُظَللُهُ أينما سار ، وحيثما اتجه ، فتجعل طريقة وطريقهم برداً وسلاماً ، فأعجب به أولئك الرجال أيّما إعجاب وسحروا بأخلاقه وصفاء نفسه وكان فيهم ميْسرة مولى خديجة .
وبالقرب من بُصرى الشام ، استرح القوم من وعثاء السفر فانتحى محمد الأمين ناحية وجلس تحت ظل شجرة قريبة منهم ، وأخذ يجيل بصره فيما حوله متأملاً . أما مَيْسرة فذهب ليزور بعض معارفه في ذلك المكان . وفي الطريق قابل راهباً اسمه ( نسطور ) ( وليس البحيري الذي قابله عندما كان برفقة عمه في رحلتهما الى الشام . ) فسأله ذلك الراهب عن الشخص الجالس تحت ظل الشجرة فقال :
من قريش ، من أهل الحرم .
فقال نسطور :
ما نزل تحت هذه الشجرة قطُّ إلا نبيّ ( أراد : مانزل تحتها هذه الساعة إلا نبيّ ، ولم يقصد غير ذلك ) .
وهرول الراهب نحو النبي صلى الله عليه وسلم وهو يردد قوله :
ليتني أُدرك وقت نبوّته .
وعندما اقترب منه تأمله طويلاً ، ثم عاين النقطة التي بين كتفيه ، وهي علامة النبوّة ، وعاد بعد ذلك إلى صومعته مسحوراً بما رأى .
عاد النبي عليه السلام ، من رحلته تلك بربح كثير لم تشهد خديجة ولا مولاها مثله ، فازداد إعجابها به . وسرد ميسرة على خديجة قصة الغمامة التي كانت ترافقه ، وحكى لها – كذلك – ما دار بينه وبين الراهب نسطور من حديث يبشّر بنبوّته .
وعرضت خديجة على محمد الأمين الزواج منها ، عن طريق مولاتها نفيسة .
زارت نفيسة محمداً ، وقالت له :
ما يمنعك أن تتزوج ؟
فقال : لا أجد المال اللازم لذلك .
فقالت له : فإن كُفيتَ ، ودُعيتَ إلى المال والجمال؟
فقال : ومَنْ هذه ؟
فقالت : خديجة بنت خويلد .
فتعجب محمد من ذلك ، وظل ساكناً لا يجيب .
فعادت نفيسة إلى مولاتها فرحة سعيدة ، تحمل لها بُشرى القبول .
وجاء القوم من بني هاشم يوم الإملاك ، وهو يوم العَقْد ، وفيهم محمد بن عبدالله ، فأصدق خديجة عشرين بَكْرةً ( الناقة الفتية ) وتم الزواج . وكانت خديجة في الأربعين من عمرها ، وكان محمد في الخامسة والعشرين .
خديجة خويلد.. سلسلة زوجات الرسول الزواج الميمون ، وثمرته
عهدت خديجة في محمد إدامة التفكير ، وحبّ الخلوة ، والبعد عن صخب الحياة وضوضائها ، فهيأت له كل أسباب الراحة والهدوء . وكان هو يقدَّر لها ذلك فيُجِلُّها ويحترمها أيّما احترام . ومضت تلك الحياة الهانئة السعيدة فقضى الزوجان المباركان خمساً وعشرين سنة ، كانت مثالاً رائعاً في الصفاء والمودة ، وكانت ثمرة هذا الزواج أربعة ذكور ( وقيل هم ثلاثة ) وأربع إناث ، وهم : القاسم والطيب والطاهر وعبدالله وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة الزهراء .
فأما الأولاد الذكور ، فهلكوا في الجاهلية . وأما زينب فتزوجها أبو العاصي بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي فولدت له عليّاً ، وأمامة التي تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، بعد موت فاطمة الزهراء ، رضي الله عنها . ثم خلف عليها بعد عليّ المغيرة أبن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، بوصية من عليّ رضي الله عنه . وماتت زينب رضي الله عنها سنة ثمانٍ من الهجرة .
وأما رقية فتزوجها عتبة بن أبي لهب وطلقها قبل أن يدخل بها فتزوجها عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، وهاجر بها إلى الحبشة وولدت له هناك عبدالله الذي مات بعدها وقد بلغ ست سنين . وكانت رقية من أجمل النساء ، أصابتها الحصبة وتوفيت بالمدينة المنورة ، بعيد معركة بدر . وأما أم كلثوم فتزوجها عتيبة بن أبي لهب ، وفارقها قبل أن يدخل بها فتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه ، بعد موت رقية ، فسمي – لذلك – بذي النورين . تزوجها في شهر ربيع الأول ، ودخل بها في جمادي الآخرة ، من السنة الثالثة وماتت سنة تسع من الهجرة .
وأما فاطمة الزهراء ، فتزوجها علي رضي الله عنه وكان ذلك في شهر رجب بعد الهجرة بخمسة أشهر ، وبنى بها بعد عودته من بدر وكانت – رضي الله عنها – بنت خمس عشرة سنة ، وقيل بنت ثماني عشرة سنة ، فولدت له الحسن والحسين ومحسناً ( الذي مات صغيراً ) وأم كلثوم ، وزينب . ثم ماتت بعد أبيها صلى الله عليه وسلم بستة أشهر ، فكانت وفاتها لثلاث خلون من شهر رمضان ، سنة إحدى عشرة.
المصدر : منتديات مجالس الوفاء