حكم الإحتفال بالمولد النبوي الشريف
الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
الإخوة والأخوات الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في هذه الأيام يكثر الجدل هل الإحتفال بالمولد النبوي حلال أم حرام ، وهل هو بدعة أم لا ؟ واسئلة كثيرة .
وفي هذا السياق أقدم لكم هذه الفتوى لفضيلة الشيخ نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الأسبق .
إطلعنا على الطلب المقيّد رقم 52/ لسنة 2001 المتضمن أنّ السائل يقول :
في شهر ربيع الأول فيما يسمونه الإحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، يقوم بعض الناس باستقدام فرقة من المنشدين والمداحين ، يفعلون الآتي : يجوبون الشوارع وعبر مكبرات الصوت المحمولة في سيارة ، يمدحون الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويبالغون في المديح والإطراء ، ويتوسلون بغير الله ، بقولهم : مدد ياحسين ، أو مدد ياسيدة زينب ، ونحو ذلك ، ويكون ذلك مصاحباً له المعازف من الناي والمزامير والطبل والرق ، ويحدث ذلك في جمع كبير من الناس ، ويقوم البعض بإعطاء هذه الفرقة نقوداً ،
وفي مكان متّسع ينصبون الساري أو الراية ، وبعد العشاء يجتمع بعض الناس لينشدهم أحدهم ، والباقون وقوف ، يقولون مرة " الله حي " ومرة اخرى " هو " ، وهم يتمايلون يميتاً وشمالاً مع التصفيق بالأيدي ، وهم يسمّون ذلك كله الإحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ،
ويطلب السائل بيان هل احتفل الرسول وأصحابه الكرام بمولده صلى الله عليه وسلم ، وما حكم الإسلام فيما تقدم والحال على ما ذكر ؟
الجــــــــواب
الإحتفال بالمولد النبوي لم يقع في الصدر الأول من السلف الصالح ، مع تعظيمهم له صلى الله عليه وسلم ، إعظاماً ومحبة لا يبلغ جمعنا الواحد منهم ولا ذرة منه ،
وهو عملٌ حسن ، إذا قصد فاعله جمع الصالحين ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وإطعام الطعام للفقراء والمساكين ، وهذا القدر يثاب عليه بهذا الشرط في كل وقت .
قال الشافعي رحمه الله تعالى ورضي عنه : " المحدثات من الأمور ضربان أحدهما : ما أحدث مما يخالف كتاباً أو سُنة ، أو أثراً أو إجماعاً ، فهذه البدعة الضالة ، والثانية : ما أحدث من الخير مما لا خلاف فيه لواحد من هذا فهي محدثة غير مذمومة "،
وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام رمضان : نعمت البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن ، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى ،
فالبدعة الحسنة متفق على جوازها والإستحباب لها ، ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها ، وهي كل مُبتدع موافق لقواعد الشريعة ، غير مخالف لشيئ منها ، ولا يلزم من فعله محذور شرعي .
والإحتفال بذكرى طيبة ثابت وله أصل في الشرع ، حيث جاء في الصحيحين أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم " قدم المدينة فوجد اليهود يصومون عاشوراء ، فسألهم فقالوا : هذا يوم أغرق الله فيه فرعون وانجى فيه موسى ، فنحن نصومه شكراً لله ، فقال : أنا أحق بموسى منكم ، لئن عشت من قابل لأصومن التاسع والعاشر ، فصامه وأمر بصيامه "
فيستفاد من فعل ذلك شكر الله تعالى على ما منّ به في يوم معيّن من إسداء نعمة ، أو دفع نقمة ، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة .
والشكر لله تعالى يحصل بأنواع العبادات كالصيام والصدقة ، وتلاوة القرآن ، وأي نعمة أعظم من النعمة التي منّ الله بها علينا من ميلاد نبي الرحمة في ذلك اليوم ، قال تعالى { لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } آل عمران 164
وبناءً على ماذكر وفي واقعة السؤال فإنّ الإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، لا مانع منه شرعاً ، لما فيه من إظهار السرور فرحاً بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ن وتذكرة المسلمين بصاحب السيرة العطرة ، وماله من نهج قويم في نشر الدعوة الإسلامية ، ولابد أن يراعى في مثل هذه المناسبات الإلتزام بآداب وتعاليم الإسلام حتى يكون إحتفالاً بالمعنى الصحيح لقيم الحضارة الإسلامية ، وذلك بتلاوة القرآن ، وكثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وعقد الندوات العلمية ، التي تذكّر المسلمين بسيرته صلى الله عليه وسلم ، وجهاده في سبيل الله ، وتوعية المسلمين بتاريخ الإسلام الحافل بالمجاهدين والعلماء والأولياء .
ويجب أن يراعى في هذه الإحتفالات عدم إختلاط الرجال بالنساء ، وألاّ يحدث فيها هرج ومرج مما يتنافى مع تعاليم الإسلام ، ولا يستعمل فيها آلات اللهو والطرب كالمزامير والطبول ونحوها .
أمّا ما ذكره السائل من أنّ بعض الناس يقول مدد يا حسين ، أو مدد يا سيدة زينب ، فإنما الأعمال بنيات أصحابها ، وصاحب هذا القول هو المسؤول عن نيته في قوله ، والذي يحاسبه هو الله سبحانه وتعالى ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيّات "
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال ،
والله سبحانه وتعالى أعلم
المصدر : منتديات مجالس الوفاء